من جاهر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على من لم يهاجر ومن تقدمت هجرته على من تأخرت وكذا الهجرة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من دار الحرب إلى دار الاسلام معتبرة هكذا وأولاد من جاهر أو تقدمت هجرته يقدمون على غيرهم هذا جملة القول في الترجيح فان اختص واحد بأحد الأسباب مع الاستواء في الباقين من كل وجه قدم المختص ويقدم من له فقه وقراءة على من له أحدهما وكذا من له ثلاثة أسباب أو أكثر على من دونه وان تعارضت الأسباب ففيه خمسة أوجه (أصحها) عند جمهور أصحابنا وهو المنصوص الذي قطع به المصنف والأكثرون ونقله الشيخ أبو حامد عن الأصحاب أن الأفقه مقدم على الأقرأ والأورع وغيرهما لما ذكره المصنف وبهذا قال أبو حنيفة ومالك والأوزاعي وأبو ثور (والوجه الثاني) الأقرأ مقدم على الجميع وهو قول ابن المنذر من أصحابنا وبه قال الثوري واحمد واسحق (والثالث) يستوي الأفقه والأقرأ ولا ترجيح لتعادل الفضيلتين فيهما وهذا ظاهر نصه في المختصر (والرابع) يقدم الأورع على الأفقه والأقرأ وغيرهما قاله الشيخ أبو محمد الجويني وجزم به البغوي والمتولي لان معظم مقصود الصلاة الخشوع والخضوع والتدبر ورجاء إجابة الدعاء والأورع أقرب إلى هذا وأما القراءة فهو عارف بالواجب منها والفقه يعرف منه المحتاج إليه غالبا أما ما يخاف حدوثه في الصلاة من فهم يحتاج إلى فقه كثير فامر نادر لا يفوت مقصود الورع بأمر متوهم (والخامس) أن السن مقدم على الفقه وغيره حكاه الرافعي وهو غلط منابذ للسنة الصحيحة ولنص الشافعي والأصحاب والدليل وإذا استويا في الفقه والقراءة ففيه طرق (أحدها) قاله الشيخ أبو حامد وآخرون يقدم السن والنسب على الهجرة فان تعارض سن ونسب كشاب قرشي وشيخ غير قرشي فالجديد تقديم الشيخ والقديم الشاب واختار جماعة هذا القديم (والطريق الثاني) وجزم به المتولي والبغوي يقدم الهجرة على النسب والسن وأيهما يقدم فيه القولان
(٢٨٢)