يخوفه بالله تعالى ويذكره العقاب الذي يستحقه على اليمين الكاذبة والوعيد عليها، فإن أنجع ذلك وراجع الحق حكم بما يقتضيه الحال مما يوجبه الشرع، وإن أقام على الانكار واليمين استحلفه بالله تعالى لا غير أو بشئ من أسمائه.
ولا يجوز أن يحلف بغير أسماء الله تعالى بشئ من جميع الموجودات لا بالكتب المنزلة ولا المواضع المشرفة ولا الرسل المعظمة ولا الأئمة المنتجبة فإن اليمين بجميع ذلك بدعة في شريعة الاسلام، ولا يحلف بالبراءة من الله تعالى ولا من رسله ولا من الأئمة ولا من الكتب ولا بالكفر ولا بالعتق ولا بالطلاق فإن ذلك كله غير جائز.
وإن اقتصر على أن يقول له: قل: والله ما له قبلي حق، كان كافيا. فإن أراد الزيادة في الردع والإرهاب قال له: قل: والله الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم الطالب الغالب الضار النافع المدرك المهلك الذي يعلم من السر ما يعلمه من العلانية ما لهذا المدعي على ما ادعاه ولا له قبلي حق بدعواه، فإذا حلف فقد برئت ذمته.
واستحلاف أهل الكتاب يكون أيضا بالله أو بشئ من أسمائه ويجوز أيضا أن يحلفوا بما يرون هم الاستحلاف به ويكون الأمر في ذلك إلى الحاكم وما يراه أنه أردع لهم وأعظم عليهم، ويستحب أن يكون الاستحلاف في المواضع المعظمة كالقبلة أو عند المنبر والمواضع التي ترهب من الجرأة على الله تعالى.
وإذا أراد الحاكم أن يحلف الأخرس حلفه بالإشارة وبالإيماء إلى أسماء الله وتوضع يده على اسم الله في المصحف وتعرف يمينه على الانكار كما يعرف إقراره، وإن لم يحضر المصحف وكتب اسم الله تعالى ووضعت يده عليه أيضا جاز، وينبغي أن يحضر يمينه من له عادة بفهم أغراضه وإيمائه وإشاراته وقد روي: أنه يكتب نسخة اليمين في لوح ثم يغسل ذلك اللوح ويجمع ذلك الماء ويؤمر بشربه، فإن شرب كان حالفا، وإن امتنع من شربه ألزم الحق.
وينبغي للحاكم أن لا يحلف أحدا إلا في مجلس الحكم، فإن كان هناك من توجهت عليه اليمين ومنعه من حضور المجلس مانع من مرض أو عجز أو غير ذلك جاز للحاكم أن يستحلف من ينوب عنه في المضي إليه واستحلافه على ما تقتضيه شريعة