أحدهما فليرد عليهما، ولا يبدأهما بخطاب إلا أن يصمتا فيقول: إن كنتما حضرتما لشئ فاذكراه، فإن أمسكا أقامهما ونظر في حكومة غيرهما.
وإن ادعى أحدهما شيئا مجهولا قال له: حقق دعواك، فإن فعل وإلا أقامهما. وإن كان متميزا أقبل الحاكم على خصمه وقال له: ما تقول في دعواه؟ فإن أقر بها اعتبر حاله فإن كان حرا عاقلا مختارا للإقرار ألزمه الخروج إلى خصمه مما أقر به، فإن امتنع أمره بملازمته، وإن سام حبسه حبسه وإن سام إثبات اسمه في ديوان حكمه لم يجز له ذلك إلا أن يكون عارفا بالمقر بعينه واسمه ونسبه أو يشهد بذلك عنده شاهدا عدل، وإن كان المقر عبدا أو أمة أو مؤوف العقل أو صغيرا أو سفيها أو مكرها على الإقرار لم يعتد بإقراره.
وإن أنكر فكان عالما بصدق المدعي أو المدعى عليه على كل حال وفي تلك القضية حكم بعلمه ولم يحتج إلى بينة ولا يمين إلى صحة دعوى ولا إنكار إلا أن تقوم بينة تمنع من استمرار العلم فيحكم بمقتضاها كعلمه بأن زيدا باع دارا من عمرو فالحكم بالعلم يقتضي تسليم الدار إلى عمرو، فإن قامت بينة عادلة بأن زيدا ابتاع تلك الدار بعينها من عمرو بعد تاريخ علمه فالواجب أن يحكم في ذلك بالبينة لأن العلم بالابتياع الأول لم يسلم استمراره ونظائر ذلك من المعلومات، ولا يتوقع قيام بينة تكذب من علمنا صدقه بالبرهان في دعوى أو إنكار لعصمته أو لغير ذلك، وإن حصلت حكم ببطلانها.
وإن لم يعلم صدق أحدهما قال للمدعي: قد أنكر دعواك فما تريد؟ فإن قال: لي بينة، قال: أحضرها، فإن حضرت بينة قد تقدم للحاكم العلم بتكامل شروطها حكم بمقتضاها كإقرار، وإن كان عالما باختلال الشروط فيها ردها، وإن كانت مجهولة أوقف الحكم حتى يكشف عن حالها، فإن وضح له تكامل الشروط المعتبرة في قبول الشهادة حكم بها، وإن ظهر له خلاف ذلك أو التبس الحال فيها ألغاها.
وإن ادعى بينة غائبة ضرب له أجلا لإحضارها وفرق بينه وبين خصمه، فإن سام تضمين إحضاره متى حضرت البينة ألزم خصمه بذلك، فإن قضت المدة ولما يحضر بينة سقط تضمين خصمه، فإن لم يكن له إلا شاهد واحد وامرأتان قال له: أ تحلف مع