فاصطلحا وإلا ارتفعا إلى الإمام أو قاض آخر. وإذا قضى بقضاء ثم بان له فساده نقضه، وأجمع أصحابنا على بطلان القول بالقياس والاستحسان والاجتهاد، وينبغي أن يجعل وقتا للمذاكرة بالعلم ووقتا للنظر بين الخصوم.
ويجب أن يكون مجتهدا عالما بفقه الكتاب والسنة ولسان العرب ومسائل الاجماع لأن لا يقضي بما يخالفه والخلاف ليعلم أنه موافق لأحدهم. وإنما يعرف فقه الكتاب إذا عرف الناسخ من المنسوخ، والخاص والعام، والمطلق والمقيد، والمجمل والمفسر، والواجب، والندب، والمباح، وفي السنة مثل ذلك. وإذا حضره خصمان لا يعرف لسانهما ترجم له عدلان وإذا حكم بشهادة شاهدين ثم بان كونهما فاسقين حال الشهادة نقض حكمه.
وإذا ولى الحكم من ليس بأهله لم يجز التحاكم إليه ووجب التحاكم إلى شخص من أهل الحق على ما وصفناه، فإن لم يحضر في بلدهما رحلا إليه أو اصطلحا، والحاكم يحكم بعلمه في عدالة الشاهد وجرحه بلا خلاف وفي حقوق الناس وحقوق الله في الأظهر، ولا يكون حاكما لمن لا يقبل له شهادة، ولا على من لا تقبل شهادته عليه ولا يتخذ الإمام والقاضي كاتبا فاسقا ولا كافرا.
وإذا شهد عند القاضي شاهدان لا يعرفهما سأل عنهما مجاوريهما ومخالطيهما، فإن شهد شاهدان بالجرح أو العدالة عمل بذلك ولا يقبل الجرح إلا مفسرا بخلاف العدالة، وإن شهد شاهدان بالجرح ومثلهما بالعدالة قدم الجرح، وإذا تلعثم الشاهد لم يسدده القاضي.
ولا يجوز الترافع إلا إلى الإمام أو نائبه ومن أذن له وللنائب أن يستنيب إن كان فيما لا يمكن توليه بنفسه وإن كان بخلافه لم يجز إلا بإذن الإمام، وإذا مات الإمام انعزل النائبون عنه، وإن اختار الخصمان رجلا يحكم بينهما وله شروط القضاء لزمهما حكمه، وإن قال الخصم: إن شهد على فلان أجزت شهادته، فشهد عليه لم يلزمه إذا لم يكن مقبول الشهادة. وإذا أخبر الحاكم بحكمه عليه أو أنه حكم عليه بإقراره أو بشهادة شاهدين عليه حال ولايته قبل قوله، وإن عزل فقال: حكمت عليه أو حكم عليه