مطلقة وفيه خلاف، وما قلناه قول أكثر المفسرين من الحسن وغيره ومعنى تحرير رقبة جعلها حرة وهذه الثلاثة الأشياء مخير فيها بلا خلاف، وعندنا أيضا واجبة على التخيير، وقال قوم:
الواجب منها واحد لا بعينه، والكفارة قبل الحنث لا تجزئ، وفيه خلاف.
" فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام " أي فكفارته صيام ثلاثة أيام. وحد من ليس بواجد هو من ليس عنده ما يفضل عن قوته وقوت عياله يومه وليلته كما ذكرناه في باب الصوم، وصوم هذه الأيام الثلاثة متتابع ويقويه قراءة ابن مسعود وأبي " صيام ثلاثة أيام متتابعات ".
وقيل في معنى قوله: أن تبروا، ثلاثة أقوال: أحدها لأن تبروا على معنى الإثبات، الثاني أن يكون على معنى لدفع أن تبروا أو لترك أن تبروا، الثالث على تقدير ألا تبروا، وحذفت " لا " لأنه في معنى القسم كقول امرئ القيس:
فقلت يمين الله أبرح قاعدا ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي أي لا أبرح، هذا قول أبي عبيد وأنكر هذا أبو العباس، لأنه لما كان معه " أن " بطل أن يكون جواب القسم.
وفي موضع " أن تبروا " ثلاثة أقوال:
أحدها: أن موضعه الخفض فحذف اللام، عن الخليل والكسائي.
الثاني: موضعه النصب، قال: سيبويه لما حذف الخافض وصل الفعل، وهو القياس.
الثالث: قال قوم موضعه الرفع على أن يكون التقدير أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس أولى، وحذف أولى لأنه معلوم المعنى أجازه الزجاج، وقال بعض المفسرين: فعلى هذا إذا حلف أن لا يعطي زيدا من معروفه ثم رأى أن بره خير أعطاه ونقض يمينه.
وعندنا لا كفارة عليه وجوبا وإن كفر كان ندبا، وإنما جاز ذلك لأنه لا يخلو من أن يكون حلف يمينا جائزة أو غير جائزة، فإن كانت جائزة فهي مقيدة بأن لا يرى ما هو خير فليس في هذا مناقضة للجائز، وإن كانت غير جائزة فنقضها غير مكروه، ثم قال: لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم، أي لا يلزمكم كفارة في الدنيا ولا عقوبة في الآخر على اليمين التي تقع منكم لغوا على ما ذكرناه.