وكان خلاف ما حلف عليه أولى من المقام عليه، فليخالف ولا كفارة عليه عندنا.
وما فيه كفارة فهو أن يحلف على أن يفعل أو يترك وكان الوفاء به واجبا أو ندبا أو كان فعله وتركه سواء، فمتى حالف كان عليه الكفارة.
فصل:
وقوله تعالى " فكفارته " الهاء يحتمل رجوعها إلى أحد ثلاثة أشياء: أحدها إلى ما مر من قوله: بما عقدتم الأيمان، الثاني إلى اللغو، الثالث إلى حنث اليمين لأنه مدلول عليه، والصحيح الأول، ثم قال: إطعام عشرة مساكين، وإنما ذكر بلفظ التذكر تغليبا للتذكير في كلامهم لأنه لا خلاف أنه لو أطعم الإناث لأجزأه.
وقد حده أصحابنا بأن يعطي كل واحد مدين أو مدا منفردا أو يجمعهم على ما هذا قدره ليأكلوه ولا يجوز أن يعطي خمسة ما يكفي عشرة. وهل يجوز إعطاء القيمة؟ فيه خلاف، والظاهر أنه لا يجزئ والروايات تدل على جوازه، وإنما ذكر الكفارة في الآية لأن التوبة من كل ذنب يعلم وجوبها على الجملة وليس تجب الكفارة على كل ذنب لأن المعنى فكفارته الشرعية كذا، وحكم التوبة معلوم من الشرع فلذلك لم يذكر.
وقوله تعالى من أوسط ما تطعمون أهليكم، فيه قولان:
أحدهما: الخبز والأدم دون اللحم، لأن أفضله الخبز واللحم والتمر وأوسطه الخبز والزيت أو السمن وأدونه الخبز والملح.
الثاني: أوسطه في المقدورات، فكنت تشبع أهلك أولا تشبعهم بحسب العسر واليسر فتقدر ذلك، هذا قول ابن عباس، وعندنا يلزمه أن يعطي كل مسكين مدين، وقال قوم يكفيه مد، وروي ذلك في أخبارنا فالأول للغني الواجد والثاني لمن دونه في الغنى.
وقوله تعالى: أو كسوتهم، فالذي رواه أصحابنا أنه ثوبان لكل واحد مئزر وقميص وعند الضرورة قميص، وقال الحسن ثوب ثوب.
وقوله تعالى: أو تحرير رقبة فالرقبة التي تجزئ في هذه الكفارة كل رقبة كانت سليمة من العاهة صغيرة كانت أو كبيرة مؤمنة كانت أو كافرة، والمؤمنة أفضل لأن الآية مبهمة