أنه متى كان شيئا فلله علي كذا وجب عليك الوفاء به عند حصول ذلك الشئ، ومتى لم تقل لله ولم تعتقده لله كنت مخيرا في الوفاء به وتركه، والمعاهدة أن تقول: عاهدت الله أو تعتقد ذلك أنه متى كان كذا فعلي كذا، فمتى حصل شرطه وجب عليك الوفاء به، وكذا إن لم تقل لله ولم تعتقده كان مستحبا الوفاء به، وإنما يكون للنذر والعهد تأثير إذا صدرا عن نية.
وعن محمد بن مسلم أنه سأل الباقر أو الصادق ع عن امرأة جعلت ما لها هديا وكل مملوك لها حرا إن كلمت أختها أبدا، قال: تكلمها وليس هذا بشئ، إن هذا وشبهه من خطوات الشيطان. قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر.
وقال المرتضى: لا ينعقد النذر حتى يكون معقودا بشرط متعلق، كأنه يقول لله علي أن أصوم أو أتصدق إن قدم فلان، ولو قال: لله علي أن أصوم، من غير شرط يتعلق به لم ينعقد نذره، قال: والدليل عليه أن معنى النذر في القرآن يكون متعلقا بشرط، ومتى لم يتعلق بشرط لم يستحق هذا الاسم، وإذا لم يكن ناذرا إذا لم يشرط لم يلزمه الوفاء، لأن الوفاء إنما يلزم متى ثبت الاسم والمعنى.
قال: فأما استدلالهم بقوله: أوفوا بالعقود، وبقوله: أوفوا بعهد الله إذا عاهدتم، فليس بصحيح، لأنا لا نسلم أنه مع التعري من الشرط يكون عقدا وعهدا، وإنما تناولت الآيتان ما يستحق اسم العقد والعهد فعليهم أن يدلوا عليه، والاحتياط فيما قدمناه من أنه يجب الوفاء وإن كان مطلقا. فالقائل إذا نذر فقال: لله علي أن أصوم كل خميس، فإنه يجب عليه صومه أبدا لأنه أيضا في معنى المشروط كأنه قال: إن عشت.
فصل:
وأما قوله تعالى: وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه، فما بمعنى الذي وما بعدها صلتها والعائد إليها الهاء في قوله: يعلمه، والنذر عقد الشئ على النفس في فعل شئ من البر بشرط أو غيره بأن يقول: لله علي كذا إن كان كذا ولله علي كذا، " فإن الله يعلمه " أي يجازي عليه فدل بذكر العلم على تحقيق الخبر إيجازا للكلام.