والقسم الآخر هم الذين تؤخذ منهم الجزية وهم الأجناس الثلاثة الذين ذكرناهم فإنهم متى انقادوا للجزية وقبلوها وقاموا بشرائطها لم يجز قتالهم ولم يسغ سبي ذراريهم، ومتى أبوا الجزية أو أخلوا بشرائطها كان حكمهم حكم غيرهم من الكفار في أنه يجب عليهم القتل وسبي الذراري وأخذ الأموال.
ولا يجوز قتال أحد من الكفار إلا بعد دعائهم إلى الاسلام وإظهار الشهادتين والإقرار بالتوحيد والعدل والتزام جميع شرائع الاسلام، فمتى دعوا إلى ذلك فلم يجيبوا حل قتالهم، ومتى لم يدعوا لم يجز قتالهم، والداعي ينبغي أن يكون الإمام أو من يأمره الإمام.
ولا يجوز قتال النساء، فإن قاتلن المسلمين وعاون أزواجهن ورجالهن أمسك عنهن، فإن اضطروا إلى قتلهن جاز حينئذ قتلهن ولم يكن به بأس.
وشرائط الذمة: الامتناع من مجاهرة المسلمين بأكل لحم الخنزير وشرب الخمور وأكل الربا ونكاح المحرمات في شريعة الاسلام، فمتى فعلوا شيئا من ذلك فقد خرجوا من الذمة وجرى عليهم أحكام الكفار.
ومن أسلم من الكفار وهو بعد في دار الحرب كان إسلامه حقنا لدمه من القتل، وولده الصغار من السبي فأما الكبار منهم والبالغون فحكمهم حكم غيرهم من الكفار، وما له من الأخذ كل ما كان صامتا أو متاعا أو أثاثا وما يمكن نقله إلى دار الاسلام وأما الأرضون والعقارات وما لا يمكن نقله فهو فئ للمسلمين.
ويجوز قتال الكفار بسائر أنواع القتل وأسبابه إلا السم فإنه لا يجوز أن يلقى في بلادهم السم، ومتى استعصى على المسلمين موضع منهم كان لهم أن يرموهم بالمناجيق والنيران وغير ذلك مما يكون فيه فتح لهم وإن كان في جملتهم قوم من المسلمين النازلين عليهم، ومتى هلك المسلمون فيما بينهم أو هلك لهم من أموالهم شئ لم يلزم المسلمين ولا غيرهم غرامتهم من الدية والأرش وكان ضائعا.
ولا بأس بقتال المشركين في أي وقت كان وفي أي شهر كان إلا الأشهر الحرم فإن من يرى منهم خاصة لهذه الأشهر حرمة لا يبتدئون فيها بالقتال، فإذا بدؤوهم بقتال