والمحاربين إلا ما حواه العسكر من الأموال والأمتعة التي تخصهم فقط من غير جهة غصب دون ما عداها، وللإمام أن يصطفي لنفسه قبل القسمة ما شاء من فرس أو جارية أو درع أو سيف أو غير ذلك - وهذا من جملة الأنفال - وأن يبدأ بسد ما ينوبه من خلل في الاسلام وليس لأحد أن يعترض عليه وإن استغرق ذلك جميع الغنيمة، ثم يخرج منها الخمس لأربابه.
ويقسم ما بقي مما حواه العسكر بين المقاتلة خاصة لكل راجل سهم ولكل فارس سهمان ولو كان معه عدة أفراس، ويأخذ المولود في دار الجهاد ومن أدرك المجاهدين للمعونة لهم يأخذ مثل ما يأخذ المقاتل، وحكم غنيمة البحر في القسمة بين من له فرس ومن ليست له حكم غنيمة البر سواء كل ذلك بدليل الاجماع المشار إليه.
وما لم يحوه العسكر من غنائم من خالف الاسلام من الكفار من أرض وعقار وغيرها فالجميع للمسلمين المقاتل منهم وغير المقاتل والحاضر والغائب، وهذه الأرض المفتتحة عنوة بالسيف لا يجوز التصرف فيها ببيع ولا وقف ولا غيرهما وللإمام أن يقبلها بما يراه وعلى المتقبل - بعد اخراج حق القبالة فيما بقي في يده - الزكاة إذا تكاملت شروطها وأما أرض الصلح فهي أرض الجزية إذا شاء الإمام أن يضعها على الأرض بدلا من الرؤوس وتسمى الخراجية وقد بينا أن ذلك يختص بأهل الكتاب وهذه الأرض يصح التصرف فيها لأربابها بسائر أنواع التصرف، وحكم ما يؤخذ من هذه الأرض حكم جزية الرؤوس يسقط بالإسلام وإذا بيعت الأرض لمسلم سقط خراجها وانتقلت الجزية إلى رأس بائعها به.
وأما أرض الأنفال وهي كل أرض أسلمها أهلها من غير حرب أو جلوا عنها، وكل أرض مات مالكها ولم يخلف وارثا بالقرابة ولا بولاء العتق، وبطون الأودية، ورؤوس الجبال، والآجام، وقطائع الملوك من غير جهة غصب، والأرضون الموات، فللإمام خاصة دون غيره وله التصرف فيها بما يراه من بيع أو هبة أو غيرهما وأن يقبلها بما يراه وعلى المتقبل - بعد حق القبالة وتكامل الشروط - ما بيناه من الزكاة.
ومن أخذ أسيرا قبل أن تضع الحرب أوزارها وجب قتله ولم يجز للإمام استبقاؤه