أحد، وأما الانكار الذي بالقتال فالإمام وخلفاؤه أولى لأنهم أعلم بالسياسة ومعهم عدتها.
فإن قيل: فمن يؤمر وينهى؟
قيل: كل مكلف، وغير المكلف إذا هم بضرر غيره منع كالصبيان والمجانين، وينهى الصبيان عن المحرمات حتى لا يتعودوها كما يؤخذون بالصلاة ليمرنوا عليها.
فإن قيل: هل ينهى عن المنكر من يرتكبه؟
قيل: نعم يجب عليه لأن ترك ارتكابه وإنكاره واجبان عليه، فبترك أحد الواجبين لا يسقط عنه الواجب الآخر، وقد قالوا عليهم السلام: مروا بالخير وإن لم تفعلوا.
فإن قيل: كيف قال تعالى: يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف؟
قلنا: الدعاء إلى الخير عام في التكاليف من الأفعال والتروك والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر فخاص، فجئ بالعام ثم عطف عليه الخاص إيذانا بفضله كقوله تعالى: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى.
فصل:
وإنما قال تعالى: كنتم خير أمة، ولم يقل: أنتم خير أمة، لأمور:
أحدها: أن ذلك قد كان في الكتب المتقدمة فذكر " كنتم " لتقدم البشارة به، ويكون التقدير له: كنتم خير أمة في الكتب الماضية وفي اللوح المحفوظ، فحققوا ذلك بالأفعال الجميلة.
الثاني: أنه بمنزلة قوله تعالى: وكان الله غفورا رحيما، لأن مغفرته المستأنفة كالمغفرة الماضية في تحقيق الوقوع لا محالة، وفي " كان " على هذا تأكيد وقوع الأمر لأنه بمنزلة ما قد كان.
الثالث: " كان " تامة، أي حدثتم خير أمة، وخير أمة نصب على الحال، قال مجاهد: معناه كنتم خير أمة إذا فعلتم ما تضمنته الآية من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والعمل بما أوجبه.