فات.
ثم قال: واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة. عن ابن عباس: أمر الله المؤمنين أن لا يقروا المنكر بين أظهرهم فيعمهم الله بالعذاب.
وقال تعالى: ليسوا سواء من أهل الكتاب... الآية. عن ابن عباس: نزل هذه الآية لما أسلم عبد الله بن سلام وجماعة معه، قالت أحبار اليهود: ما آمن بمحمد إلا أشرارنا، فأنزله الله إلى قوله: وأولئك من الصالحين.
وقوله: يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، صفة قوله: أمة قائمة.
وليس طريق وجوبهما العقل، وإنما طريق وجوبهما السمع وعليه إجماع الأمة، وإنما الواجب بالعقل كراهة المنكر فقط، غير أنه إذا ثبت بالسمع وجوبه فعلينا إزالة المنكر بما نقدر عليه من الأمور الحسنة دون القبيحة لأنه لا يجوز إزالة قبيح بقبيح آخر.
وليس لنا أن نترك أحدا يعمل بالمعاصي إذا أمكننا منعه منها سواء كان المعصية من أفعال القلوب مثل إظهار المذاهب الفاسدة أو من أفعال الجوارح، ثم ننظر فإن كان أمكننا إزالته بالقول فلا مزيد عليه وإن لم يمكن إلا بالمنع من غير إضرار لم يزد على ذلك، فإن لم يتم دفعه إلا بالحرب دفعناه، وإن كان عند أكثر أصحابنا هذا الجنس موقوفا على إذن السلطان فيه.
وإنكار المذاهب الفاسدة لا يكون إلا بإقامة الحجج والبراهين والدعاء إلى الحق وكذا إنكار أهل الذمة، فأما الانكار باليد فمقصور على من يفعل شيئا من معاصي الجوارح أو يكون باغيا على إمام الحق فإنه يجب قتاله على ما نذكر حتى يفئ إلى الحق وسبيلهم سبيل أهل الحرب فإن الانكار عليهم باليد والقتال حتى يرجعوا إلى الاسلام أو يدخلوا في الذمة.
وقال تعالى: يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا، أمرهم الله بأن يقوا أنفسهم، أي يمنعوها ويمنعوا أهليها نارا، وإنما يمنعون نفوسهم بأن يعملوا الطاعات، ويمنعوا أهليهم بأن يدعوهم إليها ويحثوهم على فعلها، وذلك يقتضي أن الأمر بالمعروف