فيصير معنى الرواية اغسله بالماء مع التراب فتكون الباء للمصاحبة أو يجب الغسل بالتراب الخالص أولا ثم بالتراب الممزوج مع الماء في الجملة - وجوه بل أقوال والأقوى كفاية كل واحد من الوجهين الأولين لاطلاق صحيحة البقباق المتقدمة وأما الوجه الثالث فيرد عليه أن الغسل وإن كان ظاهرا في الغسل بالماء إلا أنه بعد ما ذكر متعلقه أي ما يغسل به في الرواية وهو التراب في قوله عليه السلام: اغسله بالتراب أول مرة الخ لا يمكن حمله على الغسل بالماء والحاصل أنه لا بد من ارتكاب التجوز إما بالنسبة إلى الغسل بأن يقال: إن الحقيقي هو الغسل بالماء ولكن استعماله في الغسل بالتراب مجازي وإما بالنسبة إلى التراب بأن يقال: إن الغسل مستعمل في الغسل بالماء ولكن اسناد الغسل إلى التراب مجازي باعتبار اشتمال الماء على التراب فعلى كل منهما لا بد من ارتكاب المجاز ولكن الرواية ظاهرة في المعنى المجازي الأول وأما الوجه الرابع فلا وجه له سوى الاحتياط وقد عرفت أن الرواية باطلاقها دالة على كفاية كل واحد من الوجهين الأولين فلا وجه للاحتياط.
ثم إن ظاهر الرواية عدم كفاية غير التراب مكان التراب كالأشنان والرماد وغيرهما للأمر بغسله بالتراب وهل يسقط وجوب التعفير بفقدان التراب أو بعدم امكان تعفيره لضيق رأسه أو عدم تحمله للتعفير بأن ينكسر بتعفيره - فيه وجهان: وجه الأول أن يقال: إن الأمر بغسله بالتراب ظاهر في امكان الغسل به فلا يشمل غير ممكن الغسل من أول الأمر أو ينصرف الاطلاق عنه.
ووجه الثاني أن ظاهر الرواية إناطة حصول الطهارة على غسله بالتراب أول مرة فلا تتحقق الطهارة بتعذر تعفيره أو تعسره خصوصا إذا قلنا: إن الأمر بغسله بالتراب ليس أمرا تكليفيا بل الأمر بالغسل أمر وضعي أي يشترط في حصول طهارة الإناء الذي ولغ فيه الكلب غسله بالتراب أول مرة فما لم يحصل الشرط لم يحصل المشروط وهذا الوجه هو الأحوط وإن كان الوجه الأول لا يخلو من وجه ثم إن الظاهر اعتبار طهارة التراب لعدم معهودية مطهرية المتنجس في الشرع وللاستقراء بأن ما يرفع الحدث أو الخبث يعتبر أن يكون طاهرا كتراب التيمم وحجر الاستنجاء ولكن ربما يستدل لعدم اعتبار طهارته باطلاق صحيحة البقباق المتقدمة حيث إنه