ومنها رواية عبد الرحمن بن الحجاج قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إني أدخل سوق المسلمين - أعني هذا الخلق الذين يدعون الاسلام فأشتري منهم الفراء للتجارة فأقول لصاحبها: أليس هي ذكية فيقول: بلى فهل يصلح لي أن أبيعها على أنها ذكية.
فقال: لا ولكن لا بأس أن تبيعها وتقول: قد شرط لي الذي اشتريتها منه أنها ذكية قلت: وما أفسد ذلك قال: استحلال أهل العراق للميتة وزعموا أن دباغ جلد الميتة ذكاته إلا أن تقول: قد قيل لي: إنها ذكية الخبر (1).
والأخبار بهذا المضمون كثيرة فلا بد من حمل تلك الأخبار على التقية لموافقتها لمذهب العامة هذا كله في الميتة غير الانسان وأما الانسان فعن المحدث القاساني القول بعدم نجاسته وقيل بنجاسته لكن لا يكون منجسا ولو مع الرطوبة المسرية وقيل بنجاسته ولو مع عدم الرطوبة المسرية وما أبعد ما بين هذا القول وبين القول الأول فإنهما على طرفي النقيض وقيل بنجاسته و منجسيته مع الرطوبة المسرية دون ما إذا لاقى شيئا بلا رطوبة وهذا القول هو الأقوى.
أما وجه القول الأول فبأن تحمل الروايات الدالة بظاهرها على النجاسة كما سنذكرها على النجاسة الباطنية كقذارة الجنب فإن قذارته بالغسل ويحتمل أن تكون نجاسة الكفار أيضا كذلك إذ من المستبعد ارتفاع النجاسة عنهم بالتفوه بكلمة الشهادتين.
وأما القول الثاني فلا وجه له ظاهرا ولا يساعده ظاهر الأدلة بل ظاهرها بل صريحها على خلافه حيث إنهم عليهم السلام أمروا بغسل الشئ الملاقي للميت كما سيجيئ.
وأما وجه القول الثالث فلظاهر الروايات المطلقة الآمرة بغسل ما أصاب الميت فلنذكر بعضها منها رواية الحلبي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصيب ثوبه جسد الميت فقال: يغسل ما أصاب الثوب (2).
ومنها رواية إبراهيم بن ميمون عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يقع طرف ثوبه على جسد الميت قال: إن كان غسل الميت فلا تغسل ما أصاب ثوبك منه وإن كان لم يغسل الميت فاغسل ما أصاب ثوبك منه (3)