وغسل المس إذا وجب في أحدهما لا يكون واجبا في الآخر لا محالة وليس لهما ثالث في المقام، وبما أن المس بعد الغسل لا يجب معه غسل المس قطعا فيكون المس قبل الغسل محكوما بوجوب غسل المس معه وحيث إن القبلية - كما عرفت - لا يمكن أن تؤخذ في موضوع وجوب الغسل فيمكن أن يراد بالقبل غير المس الواقع بعد الغسل.
ومعه يكون الموضوع لوجوب غسل المس هو المس الذي لا يكون بعد الغسل واطلاق أحد الضدين الذين لا ثالث لهما واردة غير الضد الآخر أمر ممكن، ومعه لا يجري أصالة عدم المس قبل التغسيل إذ لا أثر لها في نفسها، وبهذا تصبح الصحيحة مجملة ولا يمكن الاعتماد عليها في الاستدلال.
وحاصل ما ذكرناه في المقام: أن المس الذي أخذ موضوعا لوجوب غسل المس مقيد بأن لا يكون واقعا بعد الغسل، والخارج أمر وجودي وهو المس بعد الغسل ومعه لا بد من الحكم بوجوب الغسل في جميع الصور المتقدمة كان تاريخ المس مجهولا والتغسيل معلوما أم انعكس أو كان كلا التاريخين مجهولا.
وذلك لأن المس معلوم بالوجدان ونشك في أنه واقع بعد الغسل أوليس بواقع بعده، ومقتضى الأصل عدم كونه واقعا بعد الغسل فهو مس بالوجدان وليس واقعا بعد الغسل بالتعبد - أي ليس من القسم الخارج بالتعبد لأن الخارج أمر وجودي يمكن أن يحرز عدمه بالأصل - فلا مناص من الحكم معه بوجوب غسل المس مطلقا.
وهذا بخلاف ما إذا كان المس مقيدا بقيد عدمي آخر وهو - أن لا يكون معه غسل - فإنه على ذلك لا نلتزم بوجوب الغسل فيما إذا كان