مطهرا ولكن فعل أمير المؤمنين (ع) وجرت به السنة أن مقتضى العمومات وجوب الغسل بمس الشهيد وإن لم يجب تغسيل الشهيد تجليلا لمقامه.
وقد يستدل على عدم وجوب الغسل بمس الشهيد: بأن الشهيد ومسه كان موردا للابتلاء به في تلك الأزمنة لكثرة الحروب في عصر النبي صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين (ع) ومعه لم ينقل لنا وجوب الغسل بمسه وهذا يكشف عن عدم وجوب الغسل بمس الشهيد وإلا لنقل إلينا لا محالة.
وهذا لا يمكن المساعدة عليه أيضا، لأنه بعد ورود حكم مس الشهيد في المطلقات الدالة على أن مس الميت موجب للغسل لا يلزم بيان حكم مس الشهيد بخصوصه.
والذي يدلنا على ذلك: إنا لو قلنا بذلك فهو مختص بالشهيد الذي لا يغسل وهو الشهيد الذي لم يدركه المسلمون حيا وأما الذي به رمق وأدركه المسلمون حيا لو حملوه على رحله فمات هناك فهذا واجب التغسيل كما يأتي - إن شاء الله تعالى - فمسه موجب للغسل.
وهذا أيضا كان كثير الابتلاء به إذ لم يكن كل من سقط في المعركة شهيدا كذلك أي من غير أن يدركه المسلمون حيا - بل كان بعضهم ممن يدركه المسلمون كذلك قطعا.
ومع هذا لم يرد في وجوب الغسل بمسه رواية ولم ينقل وجوبه إلينا مع أنه واجب ولا وجه له إلا كفاية المطلقات الواردة الدالة على وجوب الغسل بالمس في ذلك من غير حاجة إلى نقل وجوبه في الشهيد بخصوصه هذا كله في المقام الأول.