بأمرين: (أحدهما): إن وجوب الغسل يختص بما إذا كان الميت ممن يجب تغسيله لقوله (ع) (من غسل ميتا فعليه الغسل) وأما الميت الذي لا يجب تغسيله فلا دليل على وجوب الغسل بمسه، ومن الظاهر أن الشهيد لا يغسل ولا يكفن - كما يأتي إن شاء الله -.
ويدفعه: إن غاية ما تدل عليه تلك الروايات وجوب الغسل بمس الميت الذي يجب تغسيله أما إن الميت الذي لا يجب تغسيله فلا يجب الغسل بمسه فلا دلالة لها عليه بوجه.
كما أشرنا إلى ذلك في وجوب الغسل بمس الميت الكافر وقلنا أنه وإن لم يجب تغسيله إلا أن ما دل على أن من غسل ميتا فعليه الغسل لا يدل على الملازمة بين الأمرين وعدم وجوبه فيما إذا لم يجب تغسيل الميت ومع عدم الدلالة على النفي والتقييد تبقى المطلقات الدالة على وجوب الغسل بمس الميت بعد البرودة أو بعد ما برد بحالها وهي تقتضي الوجوب.
فعلى ذلك: لا فرق بين الكافر والشهيد من هذه الجهة - أي من جهة عدم وجوب التغسيل وإن كان عدم وجوب التغسيل في الشهيد لعلو شأنه وتجليله حتى يلقى الله على تلك الحالة التي استشهد عليها ومتلطخا بدمه، وفي الكافر مستندا إلى فسقه وعدم قبوله الطهارة بالغسل، فكما أن مقتضى المطلقات في الكافر وجوب الغسل بمسه كذلك الحال في الشهيد.
و (ثانيهما): إن الشهيد طاهر من الحدث والخبث ولذا لا يجب تغسيله ولا إزالة دماؤه بل يدفن متلطخا بدمه، والأخبار الواردة في وجوب الغسل بالمس ظاهرة في استناده إلى وجود أثر في الممسوس من