فإن قلنا بوجوب إعادة الغسل فهو يرجع إلى الاحتمال المتقدم من اشتراط كون الغسل واقعا بعد الوضوء بحيث لو وقع قبل الوضوء بطل وقد عرفت فساد إرادته من الجملة المذكورة.
وإن قلنا بعدم وجوب إعادة الغسل لأنه غير مشروط بشئ بل وقع صحيحا والمشروط هو الوضوء فامتنع امتثال الأمر بالوضوء واستحال التكليف به لأنه تكليف بما لا يطاق حيث لا يتمكن المكلف من امتثاله إذ المفروض أنه اغتسل قبل الوضوء فلا يمكنه ايقاع الوضوء قبل الغسل لأنه تحقق أولا، وحكمنا بصحته فلو توضأ بعد ذلك فهو من الوضوء بعد الاغتسال.
فتحصل أن الجملة المذكورة لا يمكن أن يراد بها سوى أن الغسل يغني عن الوضوء.
وعليه فهي أجنبية عن المقام لدلالة الأخبار على عدم اغناء الغسل في الاستحاضة عن الوضوء وعدم كون الوضوء بدعة.
هذا كله فيما إذا أوجبنا الوضوء مع الغسل وأما إذا لم نفت بالوجوب بل اعتبرناه احتياطا كما في الاستحاضة الكثيرة إذا قلنا بالاحتياط فلا يجوز تقديم الغسل على الوضوء وهذا لا من جهة أن الوضوء بعد الغسل بدعة إذ معه يمكن الاتيان به رجاءا ولا يكون الوضوء بدعة.
بل لما اعتبرناه من المبادرة إلى الصلاة بعد الطهارة فإنه يحتمل أن لا يكون الوضوء واجبا مع الغسل في الكثيرة واقعا ومعه لا تتحقق المبادرة لتخلل الوضوء بينها وبين الاغتسال.