خلوه عن القذارة الموجبة لتنفر الطبع، لا على وجود ما يلائم الطبع.
وعليه فنقول: إذا كان التصرف بحيث لا ينافر غرض المالك شخصا كما يكشف عنه المحبة الناشئة عن الأبوة والبنوة والصداقة، وهو معنى شهادة حال الأبوة والبنوة والصداقة، فلا محالة يكون الرضا بهذا المعنى فعليا والالتفات إلى موضوع ما لا ينافر الغرض غير فعلي، لا أن الرضا بذلك المعنى غير فعلي.
فالرضا التقديري حينئذ ما إذا كان أصل عدم المنافرة تقديريا، مثلا إذا كان التصرف في مال الغير بملاحظة غرضه الشخصي منافرا لغرضه، لكنه إذا التفت إلى ما يترتب عليه من الفوائد والمثوبات العظيمة التي تحصل له بسبب تمكين المتصرف من ماله لكان ملائما لطبعه، ومثل هذا الرضا التقديري لا يناط به جواز التصرف، إذ المناط هو الرضا بحسب الغرض الشخصي لا الغرض العقلائي أو الشرعي، فله أن يمكن الفاسق الفاجر من ماله، وأن لا يمكن المؤمن العادل منه.
وإنما يلزم الهرج والمرج وسائر المفاسد من إناطة جواز التصرف بالرضا التقديري بهذا المعنى لا بذلك المعنى، فإنه من الرضا الفعلي والعبرة به لا بكاشفه، نعم كاشفه النوعي شهادة الحال والفحوى، فمثله إذا حصل في باب المعاملات نقول به وإلا فلا، ومن الواضح أن الإجازة المتأخرة لا تلازم الرضا الفعلي بذلك المعنى الوسيع، بل بالمعنى الذي لا ربط له بشاهد الحال والفحوى.
- قوله (قدس سره): (فما ذكره في غاية المراد أنه من باب المصادرات... الخ) (1).
لا يخفى عليك أن اشتراط تأثير العقد بالرضا لا ربط له بأهلية العاقد بما هو عاقد، ولا يكون المبيع قابلا لوقوع العقد عليه، بل أهلية العاقد - بما هو عاقد - منوطة بكونه عاقلا عقلا وبكونه بالغا شرعا، وقبول المحل منوط بكونه مما يتمول ومما يملك، فلا قصور في العاقد ولا في العقد ولا فيما وقع عليه العقد، والمفروض حصول الإجازة الكاشفة عن الرضا والمحققة للانتساب فلا مصادرة، وكون المبيع للغير لا يسقط العاقد بما هو عاقد عن أهلية العاقدية، ولا المحل عن قبول وقوع العقد عليه، فما أفاده المصنف (رحمه الله) في توجيه المصادرة، وأجاب عنها باثباتها بالعموم خال عن الوجه.