ثالثها: وهو الأظهر في معنى الخبر، أن العامة كانوا يتوهمون أن إجازة السيد لا تحلل ما وقع حراما، ولا تنفذ ما وقع فاسدا، بلا نظر إلى عدم تأثير إجازته تعالى لمعصيته ليقاس بها معصية السيد وإجازته، ليجاب تارة بأن إجازته تعالى مستحيلة وإجازة السيد ممكنة، فلا يقاس الممكن بالمحال، وأخرى بأن إجازته تعالى مفروضة العدم، وإجازة السيد مفروضة الثبوت، فلا يقاس الموجود بالمعدوم.
بل نظرهم إلى عصيان العبد له تعالى، وأن إجازة السيد لا ترفعه، فأجاب (عليه السلام) بأنه لم يعص الله تعالى حتى لا يكون معنى لإجازة السيد، بل عصى سيده فإذا أجاز جاز.
والشاهد على كون التوهم ما ذكرنا قول السائل، تارة بأن أصل النكاح فاسد ولا يحلله إجازة السيد، وأخرى فإنه (1) كان في أصل النكاح عاصيا، وثالثة بأنه هل هو عاص لله تعالى، ورابعة بأنه هل فعل حراما، فإن هذا كله شاهد على أن مورد الكلام تأثير إجازة السيد في رفع الحرمة والمعصية.
فأجاب الإمام (عليه السلام) بأنه لم يعص الله تعالى، وأنه أتى شيئا حلالا، وأنه ليس كاتيان ما حرم الله تعالى من نكاح في عدة وأشباهه، وأنه لا أزعم أنه فعل حراما إلى غير ذلك من التعبيرات، فيدل التعليل على أن كل ما صدر من العبد - ولم يكن حراما بذاته وفاسدا من أصله - قابل لإجازة السيد إذا صدر بدون إذنه.
- قوله (قدس سره): (ومن ذلك يعرف أن استشهاد بعض بهذه الروايات... الخ) (2).
محتملات كلام هذا القائل ثلاثة:
أحدها: أن حكمه بصحة عقد العبد بدون إذن المولى بل مع نهيه أيضا من حيثية خاصة، فلا ينافي الفساد من حيثية أخرى.
بتقريب: أن عقد العبد من حيث إنه مخالفة لنهي المولى لا تأثير لها في فساد العقد، وإنما التأثير لمعصية الله تعالى إذا كان عاصيا في أصل النكاح، وإن كان العقد المزبور - من حيث اشتراطه بأمر غير حاصل - باطلا إلى أن يحصل شرطه، وهو إذن المولى وإجازته،