تعالى * (أوفوا بالعقود) * (1) ظاهر في ذلك أي بعقودكم لا بما عقدتم، بعد الفراغ عن أنه لا يجب الوفاء بمطلق العقد، إذ من لا عقد له لا وفاء له.
ومما يؤيد ما ذكرنا أن الإجازة المتحققة بقوله " أجزت وأنفذت وأمضيت " ليست أمرا تسبيبا يتسبب به بانشائه كالملكية والزوجية وأشباهها، بل مبدء أجزت وأنفذت وأمضيت هو الجواز والنفوذ والمضي، وكلها منتزعة عن مرتبة تأثير السبب في مسببه، لا أنها أمور تسبيبية، فليس حاصلها إلا اظهار الرضا بما يلزمه من النفوذ المترتب على تمامية العقد بلحوق الرضا، فهو من باب اظهار الملزوم باظهار لازمه، ومن الواضح أن الشرط بحسب لسان الدليل هو الرضا لا اظهاره فاظهاره اظهار للشرط لا محقق للشرط.
فإن قلت: الإجازة في قبال الرد، فكما أن الكراهة الباطنية ليست ردا للعقد، كذلك الرضا الباطني ليس امضاء للعقد، بل لا بد من اظهاره بالإذن أو الإجازة.
قلت: عدم تأثير العقد يكفي فيه عدم الرضا ولا حاجة فيه إلى انشاء الرد، وإنما الرد لحل العقد فهو في قبال شده، فلا يترقب من الرد فساد العقد، حتى يكون ما يقابله المترقب منه صحة العقد أمرا انشائيا، بل فساده بعدم شرطه، كما أن بقائه على حاله من شده وعدم انحلاله بعدم الرد لا بوجود الإجازة، فهو أجاز أو لم يجز لا ينحل العقد، ولا يتحقق به الشد فتدبر جيدا.
وأما ما يتخيل من أن الحالات النفسانية الغير البارزة ساقطة عن درجة الاعتبار في العقود والايقاعات.
فمندفع: بأنه إن أريد أنها لا تكون أسبابا، إذ معنى حصول الملكية بمجرد الرضا بها أنها غير تسببية بعقد أو ايقاع مثلا، ففيه أن الرضا هنا ليس مؤثرا، بل العقد هو المؤثر والرضا شرط التأثير، وإن أريد أن الحالة النفسانية ساقطة عن الاعتبار حتى في كونها شرطا فهو خلاف الضرورة، بداهة شرطية الرضا.
نعم من يتوهم أن الإجازة عقد مستأنف يصح له توهم أن الرضا اللاحق لا أثر له، حيث إنه ليس بأمر انشائي يتسبب به إلى حصول الملكية، إلا أن المبنى فاسد، ومع ذلك لا موجب للالتزام بالعقد المستأنف في العقد المقارن لرضا المالك فتدبر.