وبالجملة: حل مال الولد للوالد - إذا كان محتاجا حيث إنه معدود ممن يجب عليه نفقته، ومأخوذ بنفقته في مال ولده - أجنبي عن ولايته على التصرفات المعاملية في ماله.
وأما الطائفة الثانية: فهي وإن كانت موقوفة على الولاية، إذ لا ينفذ البيع مثلا إلا ممن يملك المال أو من يملك أمره، إلا أنه أخص من الولاية المبحوث عنها هنا، فالوالد له التصرفات المعاملية وغيرها الراجعة إليه من حيث إنه والد أبيح له أنحاء الانتفاعات بمال ولده، فإذا جاز الأكل من ماله وهو اتلاف بلا عوض جاز له الاقتراض منه، وإن أدى إلى تلفه لكونه معسرا، وجاز تقويم الجارية على نفسه وإن لم يكن ذا مصلحة، بل وإن أدى إلى ما هو كالتلف من حيث إعساره وعدم تمكنه من أداء قيمتها، مع أن مطلقات الطائفتين مقيدة بعدم السرف وبعدم الفساد في الأولى، وبأن تقوم الجارية قيمة عدل في الثانية فراجع (1).
أما الطائفة الثالثة: فالعمدة ما ورد في تزويج الجد والأب للصغير والصغيرة، ومن الواضح أن الغالب رعاية عدم المفسدة فيهما بملاحظة شفقة الأبوة، وأن تبعة الزواج من حيث ع دم الكفاءة والتزويج بأدون من مهر المثل يمس الأب أزيد من الزوج والزوجة، فالاطلاق وارد مورد الغالب.
نعم لا غلبة في رعاية الغبطة الزائدة على ما هو المتعارف، من جعل المهر أزيد من مهر المثل أو التزويج بمن هو أعلى منها في الكفاءة وأمثال ذلك، وليس في غير باب النكاح اطلاق، فإن أدلة اتجار الأب بمال ولده الصغير غير مسوقة لبيان اتجار الأب، بل لبيان تعلق الزكاة إذا أتجر به، فيعلم جوازه فقط لا بأي وجه اتفق.
نعم يستفاد من جواز اقتراض الأب بل مطلق الولي من مال المولى عليه عدم اعتبار المصلحة، فإن القرض بما هو لا يجر نفعا، وإنما هو خال عن المفسدة إذا كان المقترض موسرا.
بقي الكلام في ما تكرر في روايات الباب من أن الولد وماله لأبيه، فإنه مدار جملة من الفروع الآتية فنقول:
اختصاصهما بالأب إما بنحو الملك، أو بعنوان الولاية، أو بنحو السلطنة على الانتفاع