لا يخفى عليك أن الإجازة تعتبر في موردها لأمرين:
أحدهما: تحقيق انتساب العقد الواقع إلى المجيز.
ثانيهما: اظهار الرضا والطيب به.
وما ذكر من وجهي المنع يصح بالإضافة إلى تحقيق الانتساب فقط، فإن المباشرة أقوى في الانتساب، ولا معنى للانتساب بعد الانتساب، وأما بالإضافة إلى اظهار الرضا فلا مساواة، فضلا عن الأولوية، وإنما نقول بالحاجة إلى الإجازة من الجهة الثانية دون الأولى.
- قوله (قدس سره): (لا لما ذكره في جامع المقاصد (1) من أنه... الخ) (2).
مرجعه إلى أنه لم يقصد النقل بقول مطلق، بل النقل بإجازة المالك، فلا بد من الإجازة حتى يقع النقل على الوجه المقصود، والعقود تابعة للقصود، وإنما جعل النقل مقيدا، لأن العاقل الملتفت إلى أن مال الغير لا ينتقل عن ملكه قهرا عليه فلا بد له من قصد النقل بإجازته.
وفيه: أن البايع إن قصد النقل عن شخص الغير بإجازته فلا ملك له حتى يقع النقل عنه أو يعقل إجازته، وإن قصد النقل عن المالك بما هو مالك بإجازته - فحيث إنه المالك وينطبق العنوان المقصود عليه - فلا يقع النقل إلا عنه بقصده، فلا حاجة إلى إجازته، من حيث تبعية العقود للقصود، وتوقف قصد النقل على إجازة مالكه، فإنه الناقل عن ملكه عن قصد إليه.
ولعله إليه يرجع ما أفاد بقوله (إلا أن يقال... الخ) لا إلى كفاية قصد نقل مال الغير من دون تقومه في مرحلة قصده بإجازته، فإن أمر نقل المال بيد مالكه ولا يعقل القصد الجدي إلى نقله عن ملكه قهرا عليه.
نعم لغوية هذا القيد في الواقع، من حيث إن الناقل عن قصد هو المالك أمر صحيح نبهنا عليه، فلو توقف على الإجازة لكان من غير جهة عدم القصد الجدي إلى النقل كما سيجئ (3) إن شاء الله تعالى.