فعدم الولاية والسلطنة على الالتزام إنما يسلم إذا تعلق بمال الغير في وعاء كونه ملك الغير، وأما في وعاء مالكيته له فلا.
وعليه فلا ينافي نفوذ هذا التصرف المتعلق بماله - في وعاء كونه ملكا له إذا صدر عن رضاه - ما دل على عدم خروج المال عن ملكه بدون رضاه، ولا يقاس بالتصرف المنجز، فإنه تصرف في مال الغير من دون نظر إلى كونه ملكا له، وبعد صيرورته ملكا له لم يصدر منه تصرف أصلا، فما صدر عن رضاه لم يتعلق بمال نفسه حتى يؤثر، بخلاف ما فرضناه من التصرف في المال في مرتبة كونه له.
ومنه تعرف صحة التمسك ب * (أوفوا بالعقود) * هنا، فإن العقد لم يتعلق بمال الغير حتى لا يكون له سلطنة على الالتزام بنقله، بل على الفرض تعلق بماله في مرتبة كونه ملكا له، فيجب من حين الالتزام الوفاء به في ظرف كونه ملكا له، من دون تخلل زمان حتى يستصحب حكم الخاص، أو يعارضه عموم سلطنة الناس على أموالهم، لأنه بسلطانه على الالتزام بنقل ماله في ظرف مالكيته له منع من سلطانه على التصرف فيه بعد صيرورته ملكا.
- قوله (قدس سره): (فجريان عموم الوفاء بالعقود والشروط... الخ) (1).
إنما كان أشكل لأنه لم يلتزم بنفسه بشئ، بل التزم عن قبل غيره، فإذا انتسب إلى الغير بإجازته كان التزاما من الغير، فله حكمه.
وأما مجرد تملك الفضول فيما بعد، فلا يوجب انتساب الالتزام المحقق عن الغير إلى الفضول بعد ملكه، ليجب الوفاء.
ووجه الجريان على مسلكة (قدس سره) أنه بعد الالتزام عن قبل المالك بما هو مالك، وهو اللازم عنده في كل عقد، يكون الالتزام راجعا إلى الحيثية التقييدية، فالفضول وإن لم يكن له التزام بنفسه لكنه له الالتزام بما هو مالك، فكأنه قد التزم عن قبل عنوان ينطبق حال ملكه على نفسه، وقد مر الفرق بين العقد عن المالك أو عن الثالث حتى على هذا المبنى فراجع (2).