ما يمكن أن يوجه به ما أفاده (قدس سره).
لكنا قد ذكرنا مرارا (1) أن الرضا بأمر متقدم معقول، فإن الأمر الخارجي ليس مقوما للرضا، بل المقوم له ما هو موجود به في وعاء الرضا، وهو وجوده العنواني الفاني في معنونه المتقدم أو المتأخر أو المقارن، فالعقد اللفظي المتقدم أو القبض المتقدم مرضي به فعلا، ولا نريد بانتسابه إلى المجيز أزيد من هذه الإضافة.
ولا يلزم منه الانقلاب بتوهم أن ما صدر وهو غير مرضي به كيف ينقلب فيصير مرضيا به؟! فإنا لا ندعي صيرورته مرضيا به حال صدوره، بل باق على حاله إلى صدور الرضا، فيصير بالفعل مرضيا به، فالعقد السابق المرضي به فعلا هو المؤثر على أحد الوجوه المتقدمة.
والتحقيق في عدم قبول القبض للإجازة هنا دون القبض في الصرف والسلم: هو أن القبض تارة يكون موضوعا لحكم شرعي، وأخرى سببا أو شرطا لأمر اعتباري شرعا.
فالأول: كالقبض في قاعدة كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بايعه، حيث إن المعاملة محكومة شرعا بالانفساخ إذا تلف المبيع قبل قبضه.
والثاني: كالقبض في الصرف والسلف، حيث إنه شرط تأثير العقد في الملكية.
وعلى أي حال فالقبض لا ينتسب إلى المالك إلا بالإجازة، والانتساب أمر واقعي لا يعقل تقدمه على ما به الانتساب، ففي ما إذا كان موضوعا للحكم لا يترتب عليه الحكم إلا حين تحقق موضوعه، وإذا كان شرطا للتأثير أمكن أن يكون القبض المنسوب إلى المالك حال الإجازة شرطا متأخرا للملكية حال العقد أو حال قبض الأجنبي.
ففي الأول: إذا كان قبض الأجنبي متعقبا بالتلف فهو من باب التلف قبل القبض، لأن قبض الأجنبي كلا قبض، وحين انتسابه إلى المالك مسبوق بالتلف.
وفي الثاني: يكون القبض المنسوب إلى المالك حال انتسابه مؤثرا في الملكية - بناء على الكشف والنقل - فلا إشكال من هذه الجهة، وإن كان فيه إشكال من جهة أخرى سيأتي (2) الكلام فيه إن شاء الله تعالى، فلا إشكال في قبول القبض - من حيث نفسه -