قيل فيه وجوه:
أحدهما: ما أشار إليه المصنف (قدس سره) وهو أن الإجازة بمنزلة الايجاب إن كان البيع فضوليا، أو بمنزلة القبول إن كان الاشتراء فضوليا، وقد تقرر في شرائط الصيغة أن تأثيرها بل بقاء حقيقة المعاقدة منوط بعدم حصول ما يسقط الصيغة عن صلاحية التأثير، أو ما يوجب زوال حقيقة المعاقدة، وقد تقرر هناك أن الموجب لو فسخ إيجابه قبل القبول لغى الايجاب، فلا يبقى ما يلحقه القبول ليتم به المعاقدة، وكذا رد القبول المتقدم من القابل.
وعليه فرد المالك ما أوجبه الفضول من قبله بمنزلة إلغاء إيجابه، وكذا رده ما قبله الفضول عن قبله إلغاء لقبوله.
وفيه أولا: أن المفروض هنا تحقق العقد حقيقة، وأنه لا شأن للإجازة إلا أنها موجبة لانتسابه إلى المجيز، فهو قبل الإجازة باق على حاله من عدم انتسابه إلى أن يتحقق ما يوجبه، فليس للراد قبل إجازته إيجاب مثلا، حتى يكون رده رجوعا عن عهده.
وأما الالتزام الخارجي القائم بالفضول فهو موجود حقيقة، سواء أجازه أو رده المالك، فما نحن فيه إنما يندرج تحت تلك الضابطة فيما إذا أوجب الفضول فأجازه المالك قبل قبول الأصيل، ثم رده أيضا قبل لحوق القبول.
وثانيا: أن المسلم في تلك المسألة ما إذا رد الموجب إيجابه، فإنه رجوع عن عهده حقيقة، فلم يبق ما به المعاهدة والمعاقدة، لا ما إذا رد القابل إيجاب الموجب، فإن عهده أجنبي عنه حتى يكون رده رجوعا عن التزامه خارجا، والرد فيما نحن فيه من قبيل رد التزام الغير، لا من قبيل الرجوع عن التزامه.
نعم إذا كانت الإجازة محققة للعقد كان رده بمنزلة عدم إيجابه أو عدم قبوله، فكان أولى من رجوعه عنه بعد تحققه، إلا أن الرد وعدمه في عدم تحقق العقد قبل إجازته على حد سواء.
ثانيها: ما أشار (رحمه الله) إليه أيضا من اقتضاء عموم دليل السلطنة على قطع علاقة الطرف الآخر عن ماله.
وفيه: أنه لا علاقة بالإضافة إلى المال إلا علاقة الملكية أو علاقة الحقية، ومن الواضح عدم تحقق أدنى مرتبة من الملك والحق للطرف الآخر بانشاء الفضول، ومجرد صيرورته طرفا للعقد إن كان منافيا لسلطان المالك فلا بد أن لا يحدث من الأول، وإلا فلا مانع من