مع أنه (قدس سره) - كما هو مسلك المشهور - صرح في مبحث القبض (1) بأن هذا الضمان ضمان المعاوضة لا ضمان الغرامة، وهو حكم شرعي بانفساخ المعاملة بالتلف قبل القبض، لا حق مالي قابل للاسقاط، وصرح (رحمه الله) هناك بأن اسقاط العهدة بعد العقد غير مجد.
وعليه فسواء كان الثمن تالفا حين الإجازة أو باقيا لا يصح اسقاط ضمانه الفعلي على الأول، وضمانه بالقوة على الثاني.
وأما بناء على أن الضمان هنا ضمان الغرامة - كما ذهب إليه الشهيد الثاني (قدس سره) (2) وغيره - فاسقاط الضمان وإن كان معقولا قبل التلف لخروج العوضين عن عهدة الطرفين، فلا يتعين الباقي حينئذ للبدلية للتالف، إلا أن اسقاطه بعد التلف في خصوص ما نحن فيه غير صحيح، لأن البدل عند فعلية الضمان هنا هو العوض المسمى، وليس هو كليا ذميا قابلا للابراء كما في اشتغال الذمة بالمثل أو القيمة، ولا حق متعلق بالعين بحيث يقبل الاسقاط، وملكية العين الشخصية لا تزول بالاسقاط أو الابراء.
وأما إنشاء السقوط المتأخر من المالك - بحيث يؤثر في السقوط المتقدم عند قبض الفضول ليؤول الأمر إلى سقوط العهدة قبل تعين الباقي للبدلية - فهو على فرض المعقولية لا دليل عليه.
وأما حمل اسقاط الضمان المذكور في كلامه (رحمه الله) هنا على اسقاط ضمان اليد بسبب تسليط المشتري للفضول الأجنبي على مال البايع بالإجازة المتأخرة، حيث إن مثله قابل للاسقاط من جميع الوجوه.
فغير وجيه لأن ضمان المشتري بضمان المعاوضة باق على الفرض، ومع التلف يكون التالف داخلا في ملكه، ولذا يتلف منه فلا يكون المشتري ضامنا للبايع بضمان الغرامة بسبب تسليط الفضول، بل يكون الفضول ضامنا للمشتري لمكان تلف ماله في يده، ومع عدم التلف إلى أن يجيز البايع لا ضمان أصلا، لأنه من باب الإذن في القبض بقاء، لا من باب إجازة القبض المتقدم، ومع كون القبض الفعلي برضاه لا ضمان معاوضة ولا غرامة.
ثم إنه ربما يذكر وجهان آخران لعدم صحة القبض بالإجازة ثبوتا لا إثباتا، بمعنى أنه