وعن بعض أجلة المحشين (1) تعين الاجبار، ومع عدم التمكن من الاجبار أو عدم كونه مجديا في اختياره يثبت الخيار، وعن شيخنا الأستاذ في تعليقته (2) المباركة ابتناء المسألة على أن المنفي بقاعدة الضرر إن كان هو الحكم الضرري فيصح ما ذكره (رحمه الله)، وإن كان المنفي هو الموضوع الضرري تعين الخيار.
أقول: مع قطع النظر عن قاعدة الضرر لا مجال للاجبار، فإنه لا اجبار إلا لأحد أمرين: إما الامتناع عن الحق، والسلطان ولي الممتنع، أو الامتناع عن أداء التكليف فيجب اجباره من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ومن الواضح أن عقد الفضول لا يوجب حقا للأصيل على المالك، ولا دليل على وجوب الإجازة أو الرد شرعا، ولا يقاس بما إذا تخلف عن الشرط وأنه يجبر عليه، وذلك لأن التزام الشارط إما يوجب حقا للمشروط له أو يجب عليه الوفاء تكليفا، فيجئ الاجبار.
ومنه علم أنه لا يتعين الاجبار أولا، بل لو قلنا بأصله فمن أجل قاعدة الضرر المتساوية النسبة إلى الخيار والاجبار، لاندفاع الضرر بأحدهما.
وأما تقريب ما أفاده شيخنا العلامة رفع الله مقامه: فهو أن المنفي بالقاعدة إن كان هو الحكم بلسان نفي موضوعه الضرري، فلا بد من ملاحظة الموضوع الضروري ونفي ما يناسب نفيه من أحكامه، والعقد الذي بسببه لا يتمكن من التصرف فيما انتقل عنه، ولا فيما انتقل إليه ضرري، وحكمه المناسب نفيه لزومه فيرتفع وينقلب جائزا.
وأما عدم جواز الاجبار فليس من أحكام العقد حتى يكوون منفيا بنفيه، بخلاف ما إذا كان المنفي كل حكم ضرري، فإن لزوم العقد ضرري وعدم جواز الاجبار أيضا ضرري، ويرتفع الضرر بأحد الأمرين، إلا أن الظاهر أن عدم السلطنة على الاجبار من باب عدم السلطنة على رفع الضرر، ووجوب الوفاء حكم ينشأ منه الضرر، فليس الحكم الضرري بنفسه إلا اللزوم، وتمام الكلام من حيث المبنى والبناء في محله (3).