ومنها قوله سبحانه آمرا نبيه: * (قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله) * (1). وليست الآية خاصة بالمواهب الطارئة عليه من غير طريق اكتسابه، بل تعمها وتعم كل ضر ونفع يكسبهما بسعيه وفعله فلا يصل إليه الإنسان إلا عن طريق مشيئة الله سبحانه.
ومنها قوله سبحانه: * (وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله) * (2).
ومنها قوله سبحانه: * (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله) * (3).
ومنها قوله سبحانه: * (فهزموهم بإذن الله) * (4).
ومنها قوله سبحانه: * (وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله) * (5).
إلى غير ذلك من الآيات الصريحة في أن كل ما يقع في الكون أو يصدر من العباد فهو بمشيئة وإذن منه سبحانه. فالمجموعة الأولى من الآيات تناقض الجبر وتفنده، كما أن المجموعة الثانية ترد التفويض وتبطله ومقتضى الجمع بين المجموعتين حسب ما يرشدنا إليه التدبر فيها ليس إلا التحفظ على النسبتين وأن العبد يقوم بكل فعل وترك، باختيار وحرية، لكن بإقدار وتمكين منه سبحانه فليس العبد في غنى عنه سبحانه في فعله وتركه. فهو يعمل في ظل عناياته وتوفيقاته ولعل المراجع إلى الذكر الحكيم يجد من الآيات الراجعة إلى المجموعتين أكثر مما ذكرنا، كما يجد فيها قرائن وشواهد تسوقه إلى نفي كل من الجبر والتفويض واختيار الأمر بين الأمرين