وصنف يعطف على إطاعة الله سبحانه إطاعة رسوله ولكن يجعل لزوم إطاعته مقيدا بإذنه سبحانه * (وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله) * (1) ويقول: * (ومن أطاع الرسول فقد أطاع الله) * (2).
لا شك أن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، وأولي الأمر، والوالدين، وغيرهم يجب طاعتهم، وتحرم معصيتهم ومخالفتهم، لكن وجوب إطاعتهم إنما هو بأمر من الله سبحانه ولولا أمره لما كان لأحد على أحد حق الطاعة وبذلك تقدر على تصنيف الآيات وجمعها.
نعم، ليست طاعة الرسول منحصرة في سماع الأحكام التي جاء بها والعمل على طبقها، بل للرسول الأعظم مناصب وراء بيان الوحي وتبيين الأحكام، ووراء تعليم القرآن وتلاوة آياته، ومنها إصدار الأوامر والنواهي إلى المؤمنين في مختلف شؤون الحياة فإذا أمر بتجهيز الجيش والنفر إلى الجهاد ومكافحة الظالمين فله حق الطاعة عليهم، ومن خالفه فقد خالف الرسول وعصاه. وهذا بخلاف ما إذا بلغ الرسول أحكم الله ورسالاته إلى الناس كالصلاة والصيام فتركهما يعد معصية لله سبحانه لا معصية للرسول.
فيجب على الموحد الامعان في هذه المجالات المختلفة ويعترف:
أولا: إن الطاعة على وجه الاطلاق مختصة بالله سبحانه ولا طاعة لغيره بالذات.
وثانيا: إن الرسول الأعظم له مقامات فهو في مقام مبلغ وبشير ونذير، كما في إبلاغ رسالاته. وهو في الوقت نفسه في مقام آخر آمر وناه له حق الأمر والنهي، كما هو في مقام ثالث فاصل للخصومات وقاض بين الناس يجب تنفيذ حكمه. وتمييز هذه المقامات غير خفي لمن أمعن وتدبر.