عن توليه وتصديه لخلقه بالعضوين، هو أن ملاك التنديد إعراض إبليس عن السجود لمصنوعه سبحانه من غير مدخلية لخلقه بالعضو الخاص (اليد) بحيث لو خلقه بغيرها ومع ذلك أعرض إبليس عن سجوده لما توجه إليه لوم.
فالملاك هو الإعراض عن السجود لما قام به سبحانه من الخلق من دون دخالة لأداة الخلقة.
فإن قيل: إذا كان هو المبدع والمتولي لخلق سائر الأناسي، فلماذا خص خلقه آدم بنفسه؟
قلنا: إن الإضافة والتخصيص لبيان كرامته وفضيلته وشنيع فعل إبليس.
ومثله قوله سبحانه * (فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين) * (1) فتخصيص الإضافة لبيان تشريفه سبحانه، كما يقول: * (أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود) * (2).
ومثل ما تقدم، الكلام في قوله سبحانه: * (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما) * (3) فهل عندما نزت الآية فهم منها السلف الصالح ما ينسبه إليهم ابن تيمية من أن المراد هو المعنى اللغوي لكن ليست يده كيد المخلوقات وهي فوق أيدي الصحابة، أو أنهم فهموا إن المراد سلطان الله وقدرته، بدليل ما فيها من تهديد لمن ينكث بأن مغبة النكث تعود عليه.
فلو تكاثفت الجهود على تشخيص الظواهر، سواء أكانت معان حقيقية أم مجازية، لارتفعت جميع التوالي فلا يلزم تمثيل ولا تشبيه، ولا تعطيل ولا تجهيل، ولا تأويل وخروج عن الظواهر، بل كان أخذا بالظواهر بالمعنى المتبادر عند أهل اللغة أجمعين.