يستطيعون أن يسمعوا أو يبصروا آياته حتى يؤمنوا بها، ولكن عدم استطاعتهم ليس بمعنى عدم وجودها فيهم من بداية الأمر بل لأنهم حرموا أنفسهم من هذه النعم بالذنوب فصارت الذنوب وسيلة لكونهم ذوي قلوب لا يفقهون بها، وذوي أعين لا يبصرون بها، وذوي آذان لا يسمعون بها، فصاروا كالأنعام بل هم أضل.
قال سبحانه: * (لهم قلوب لا يفقهون بها، ولهم آذان لا يسمعون بها، ولهم أعين لا يبصرون بها، أولئك كالأنعام بل هم أضل) * (1).
وباختصار: فرق بين عدم الاستطاعة فيهم من بداية التكليف وعدم قدرتهم على الإيمان واستماع الآيات وإبصارها. وعدم الاستطاعة لتماديهم في الظلم والغي وإحاطة ظلمة الذنوب على قلوبهم وأعينهم وأبصارهم وأسماعهم. فالآية نزلت في المجال الثاني والبحث في الأول. وقد تواترت النصوص من الآيات والأحاديث على أن العصيان والطغيان يجعل القلوب عمياء والأسماع صماء. قال سبحانه: * (فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم) * (2).
وقال سبحانه حاكيا عن المجرمين: * (لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير * فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير) * (3).
فالكلمة المعروفة بين المتكلمين والحكماء من أن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار مقتبسة من هذه الآيات وصريح الفطرة.
الآية الثانية - قوله تعالى: * (وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على