وقال سبحانه: * (لا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم، بل هو شر لهم، سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة) * (1).
وقال سبحانه: * (يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون) * (2).
إلى غير ذلك من الآيات التي تدل على حضور نفس العمل يوم القيامة، لكن باللباس الأخروي، وهذا يعرب عن أن لفعل الإنسان واقعية تتجلى في ظرف بصورة وفي آخر بأخرى.
وهذه الأعمال تلازم وجوده ولا تنفك عنه، فإذا كان عمل كل إنسان يعد من ملازمات وجوده، وملابسات ذاته، فالسؤال عن أن التعذيب لماذا، يكون ساقطا، إذ السؤال إنما يتوجه إذا كان التفكيك أمرا ممكنا.
والفرق بين الوجهين واضح: ففي الوجه الأول يكون نفس الإنسان الصالح أو الطالح خلاقا لثوابه وعقابه وجنته وناره حسب الملكات التي اكتسبها في هذه الدنيا بحيث لا يمكن لصاحب هذه الملكة السكون والهدوء إلا بفعل ما يناسبها. وفي الوجه الثاني يكون العمل متجليا في الآخرة بوجوده الأخروي من دون أن يكون للنفس دور في تلك الحياة في تجلي هذه الأعمال بتلك الصور بل هي من ملازمات وجود الإنسان المحشور، فلا يحشر الإنسان وحده بل يحشر مع ما يلازم وجوده ويقارنه ويلابسه ولا ينفك عنه. وباختصار تكون رابطة الجزاء مع الإنسان في القسم الأول رابطة إنتاجية بحيث تكون النفس منتجة ومولدة للجزاء الحسن والسئ. وأما في الثاني فهي من ملازمات وجود الإنسان وملابساته من دون إنتاج.
قال تعالى: * (وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة