كلامه تعالى وصف له، وكل ما هو وصف له فهو قديم، فكلامه تعالى قديم. وأما غيرهم فقد تبعوا قياسا غيره، وهو: كلامه تعالى مؤلف من أجزاء مترتبة متفاوتة متعاقبة في الوجود، وكل ما هو كذلك فهو حادث، فكلامه تعالى حادث.
والأشاعرة - لأجل تصحيح كونه قديما - فسروه بأنه معنى قائم بذاته يسمى الكلام النفسي. والمعتزلة والإمامية أخذوا بالقياس الثاني وقالوا إن معنى كلامه أنه موجد للحروف والأصوات في الخارج، فهو حادث.
ولبعض الحنابلة هنا قول آخذ بكلا القياسين المتناقضين حيث قالوا إن كلامه حروف وأصوات قائمة بذاته وفي الوقت نفسه هي قديمة، وهذا من غرائب الأقوال والأفكار.
الثاني: إن تفسير كونه سبحانه متكلما لا ينحصر في الآراء الثلاثة المنقولة عن الأشاعرة والعدلية (المعتزلة والإمامية) والحنابلة، بل هناك رأي رابع أيدته البراهين الفلسفية وأوضحته النصوص القرآنية وورد في أحاديث أئمة أهل البيت، وحاصله: إن العالم بجواهره وأعراضه، فعله وفي الوقت نفسه كلامه، وسوف يوافيك توضيح هذه النظرية.
الثالث: إن الطريق إلى ثبوت هذه الصفة عند الأشاعرة هو العقل وعند العدلية هو السمع، وسوف يوافيك دليل الأشاعرة عند البحث عن نظريتهم.
وأما النقل فقد تضافرت الآيات على توصيفه به، قال تعالى: * (ومنهم من كلم الله) * (1). وقال تعالى: * (وكلم الله موسى تكليما) * (2). وقال سبحانه: * (ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه) * (3). وقال تعالى: * (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أن من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي