الأول: الفعل والانفعال، والتأثير والتأثر. وإلى ذلك تهدف الخصائص الأربع التي ذكرها علماء الطبيعة كما أوضحنا. ويمكن أن نرمز إلى هذه الخصيصة ب " الفعالية ".
الثاني: الحس والدرك بالمعنى البسيط. فلا شك أنه متحقق في أنواع الحياة الطبيعية حتى النبات. فقد كشف علماء الطبيعة عن وجود الحس في عموم النباتات وإن كان الإنسان البدائي عالما بوجوده في بعضها كالنخل وغيره. وإلى هذا الأمر نرمز ب " الدراكية ".
فتصبح النتيجة أن مقوم الحياة في الحياة الطبيعية بمراتبها هو الفعالية والدراكية، بدرجاتهما المتفاوتة ومراتبهما المتكاملة، وأنه لا يصح أن تطلق الحياة على النبات والحيوان إلا بالتطوير لوجود البون الشاسع بين الحياتين، فالذي يصحح الاطلاق والاستعمال بمعنى واحد هو عملية التطوير بحذف النواقص والشوائب الملازمة لما يناسب كلا من النبات والحيوان.
وعلى هذا الأساس يصح إطلاق الحياة على الحياة الإنسانية، بما هو إنسان لا بما هو حيوان، والمصحح للإطلاق هو عملية التطوير التي وقفت عليها، وإلا فكيف يمكن أن تقاس الحياة الإنسانية بما دونها من الحياة، فأين الفعل المترقب من الحياة العقلية في الإنسان من فعل الخلايا النباتية والحيوانية! وأين درك الإنسان للمسائل الكلية والقوانين الرياضية من حس النبات وشعور الحيوان! ومع هذا البون الشاسع بين الحياتين، تجد أنا نصف الكل بالحياة، ونطلق " الحي " بمعنى واحد عليها. وليس ذاك المعنى الواحد إلا كون الموجود " فعالا " و " دراكا " ولكن فعلا ودركا متناسبا مع كل مرتبة من الحياة.
وباختصار، إن ملاك الحياة الطبيعية هو الفعل والدرك، وهو محفوظ في جميع المراتب، ولكن بتطوير وتكامل. فإذا صح إطلاق الحياة بمعنى واحد على تلك الدرجات المتفاوتة فليصح على الموجودات الحية العلوية لكن بنحو متكامل. فالله سبحانه حي بالمعنى الذي تفيده تلك الكلمة،