بتوسط بينها وبين المدرك أي شئ. فعند اتصال الإنسان بالخارج عن طريق الصورة الذهنية يجتمع هناك علمان: حصولي باعتبار علمه بالخارج عن طريق الصورة، وحضوري باعتبار علمه بنفس الصورة وحضورها بواقعيتها عند المدرك.
وبذلك تقف على فرق جوهري بين العلمين وهو أن المعلوم في العلم الحصولي غير حاضر لدى المدرك بواقعيته كما عرفت، وفي الحضوري يكون المعلوم حاضرا لديه بواقعيته وهذا كالصورة العلمية الذهنية فإنها بواقعيتها التي لا تخرج عن كونها موجودا ذهنيا، حاضرة لدى الإنسان.
وبذلك يظهر أن الحصولي ثلاثي الأطراف والحضوري ثنائيها في هذا القسم الأول منه.
2 - ما لا يتوسط فيه بين المدرك والمدرك أي شئ ولكنهما يتحدان بالذات ويختلفان باللحاظ والاعتبار. وذلك كعلم الإنسان ودركه لذاته فإن واقعية كل إنسان حاضرة بذاتها لديه، وليست ذاته غائبة عن نفسه، وهو يشاهد ذاته مشاهدة عقلية ويحس بها إحساسا وجدانيا ويراها حاضرة لديه من دون توسط شئ بين الإنسان المدرك وذاته المدركة. وفي هذه الحالة يصبح العلم أحادي الأطراف بدل ثنائيها في الثاني وثلاثيها في الأول. فالإنسان في هذه الحالة هو العالم وهو المعلوم في آن واحد. وعندئذ يتحد المدرك والمدرك وتصبح ذات الإنسان علما وانكشافا بالنسبة إلى ذاته. ومن العلم الحضوري علم الإنسان بأحاسيسه من أفراحه وآلامه، فالكل حاضر لدى الذات بلا توسط صورة.
وبذلك تقف على ضعف الاستدلال على وجود الإنسان بتفكره، فيقال: " أنا أفكر إذن أنا موجود " فاستدل بوجود التفكر على وجود