الخارج بأدوات المعرفة ثم تنتقل إلى مراكز الادراك. فالشجر هو المعلوم بالعرض، والصورة هي المعلوم بالذات، والإنسان هو العالم وإنما أسمينا الشئ الخارجي معلوما بالعرض والصورة معلوما بالذات، لأن الخارج معلوم لنا بواسطة هذه الصورة ولولاها لانقطعت صلة الإنسان بالواقع.
وبعبارة أخرى: إن الواقعية الخارجية ليست حاضرة عندنا بهذه السمة. لأن الشئ الخارجي له أثره الخارجي، من الحرارة في النار، والرطوبة في الماء، والثقل في الحجر والحديد. ومعلوم أن الشئ الخارجي لا يرد إلى أذهاننا بهذه الصفات. ولأجل ذلك أصبح الشئ الخارجي معلوما بالعرض، والصورة معلومة بالذات لمزاولة الإنسان دائما للصور الذهنية.
وبذلك تقف على تعريف العلم الحصولي وهو: ما لا تكون فيه الواقعية الخارجية معلومة بنفسها، بل بتوسط صورة مطابقة لها. والأدوات الحسية كلها موظفة في خدمة هذا العلم. فهو يعتمد على ثلاثة ركائز:
المدرك، الخارج، الصورة. ولا تظنن هذا اعترافا بأصالة الصورة وفرعية الخارج، إذ لا شك أن الأمر على العكس، فالخارج هو الأصيل والصورة هي المنتزعة منه والحاكية عنه، غير أن الذي يمارسه الذهن ويزاوله هو الصورة الموجودة عنده لا نفس الخارج. وهذه الصورة الذهنية وسيلته الوحيدة لدرك الخارج وإحساسه.
إلى هنا وقفت على تعريف العلم الحصولي. وأما العلم الحضوري فهو عبارة عن حضور المدرك لدى المدرك من دون توسط أي شئ، وله قسمان:
1 - ما لا يتوسط فيه بين المدرك والمدرك شئ مع كون المدرك غير المدرك حقيقة. وهذا كالعلم بنفس الصورة المنتزعة من الخارج. وذلك أن الخارج يدرك بواسطة الصورة. وأما الصورة نفسها فمعلومة بالذات ولا