أحواله فهو معذور، لأن الأفهام تقصر عن الوقوف على أسرار أفعاله (6).
ثم علاج إفراط هذه الشهوة - بعد تذكر مفاسدها المذكورة - كسرها بالجوع، وسد الطرق المؤدية إليها: من التخيل والنظر والتكلم والخلوة، فإن أقوى الأسباب المهيجة لها هو النظر والخلوة، ولذا قال الله تعالى:
" قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم " (7).
وقال النبي (ص): " النظرة سهم مسموم ممن سهام إبليس، فمن تركها خوفا من الله تعالى أعطاه الله إيمانا يجد حلاوته في قلبه ". وقال - صلى الله عليه وآله وسلم -: " لكل عضو من أعضاء ابن آدم حظ من الزنا، فالعينان تزنيان وزناهما النظر ". وقال (ص): " لا تدخلوا على المغيبات - أي التي غاب عنها زوجها - فإن الشيطان يجري من أحدكم مجرى الدم ". وقال عيسى بن مريم (ع): " إياكم والنظرة، فإنها تزرع في القلب شهوة، وكفى بها فتنة " وقيل ليحيى بن زكريا: ما بدء الزنا؟
قال: " النظرة والتمني ". وقال داود (ع) لابنه: " يا بني! امش خلف الأسد (و) (8) الأسود ولا تمش خلف المرأة ". وقال إبليس: " النظرة قوسي وسهمي الذي لا أخطئ به ".
ولكون النظر مهيجا للشهوة، حرم في الشريعة نظر كل من الرجل والمرأة إلى الآخر، وكذا حرم استماع كل منهما لكلام الآخر، إلا مع الضرورة وعموم الحاجة، وكذا حرم نظر الرجال إلى المرد من الصبيان إذا كان مورثا للفتنة، ولذا كان كبراء الأخيار وعظماء الأبرار في الأعصار والأمصار محترزين عن النظر إلى وجوه الصبيان، حتى قال بعضهم: " ما أنا بأخوف على الشباب الناسك من سبع ضار كخوفي عليه من غلام أمرد يجلس إليه ".
ثم إن لم تنقمع الشهوة بالجوع والصوم وحفظ النظر، فينبغي كسرها