ونعظ شديد " (2) وقال (ص): " أطول الناس جوعا يوم القيامة أكثرهم شبعا في الدنيا ". وقال (ص): " لا يدخل ملكوت السماوات من ملأ بطنه ". وفي التوراة: " إن الله ليبغض الحبر السمين "، لأن السمن يدل على الغفلة وكثرة الأكل. وفي بعض الآثار: " إن الله يبغض القارئ السمين ". وقال لقمان لابنه: " يا بني! إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة وخرست الحكمة، وقعدت الأعضاء عن العبادة ". وقال الباقر (ع): " إذا شبع البطن طغى ". وقال عليه السلام: " ما من شئ أبغض إلى الله عز وجل من بطن مملوء ". وقال الصادق عليه السلام: " إن البطن ليطغي من أكلة، وأقرب ما يكون العبد من الله إذا خف بطنه، وأبغض ما يكون العبد إلى الله إذا امتلأ بطنه ". وقال (ص): " ليس لابن آدم بد من أكلة يقيم بها صلبه، فإذا أكل أحدكم طعاما، فليجعل ثلث بطنه للطعام، وثلث بطنه للشراب، وثلثه للنفس، ولا تسمنوا تسمن الخنازير للذبح ". وقال (ع) " ما من شئ أضر لقلب المؤمن من كثرة الأكل، وهي مورثة شيئين: (قسوة) القلب، و (هيجان) الشهوة. والجوع أدام للمؤمن، وغذاء للروح، وطعام للقلب، وصحة للبدن ".
والأخبار الواردة بهذه المضامين كثيرة، ولا ريب في أن أكثر الأمراض والأسقام تترتب على كثرة الأكل. قال الصادق عليه السلام: " كل داء من التخمة إلا الحمى فإنها ترد ورودا ". وقال عليه السلام: " الأكل على الشبع يورث البرص ". وكفى لشهوة البطن ذما أنها صارت منشأ لإخراج آدم وحواء من دار القرار إلى دار الذل والافتقار، إذ نهيا عن أكل الشجرة فغلبتهما شهوتهما حتى أكلا منها، فبدت لهما سوآتهما.
والبطن منبت الأدواء والآفات وينبوع الشهوات، إذ تتبعها شهوة الفرج وشدة السبق إلى المنكوحات، وتتبع شهوة المطعم والمنكح شدة الرغبة في الجاه والمال، ليتوسل بهما إلى التوسع في المطعومات والمنكوحات، ويتبع ذلك أنواع الرعونات، وضروب المحاسدات والمنافسات، وتتولد من ذلك