آفة الرياء، وغائلة التفاخر والتكاثر والعجب والكبر، ويداعى ذلك إلى الحقد والعداوة والبغضاء، ويفضي ذلك بصاحبه إلى اقتحام البغي والمنكر والفحشاء. وكل ذلك ثمرة إهمال المعدة وما يتولد من بطر الشبع والامتلاء ولو ذلل العبد نفسه بالجوع، وضيق مجاري الشيطان، لم يسلك سبيل البطر والطغيان، ولم ينجر به إلى الانهماك في الدنيا والانغمار فيما يفضيه إلى الهلاك والردى، ولذا ورد في فضيلة الجوع والصبر عليه ما ورد من الأخبار، قال رسول الله (ص): " جاهدوا أنفسكم بالجوع والعطش، فإن الأجر في ذلك كأجر المجاهد في سبيل الله، وإنه ليس من عمل أحب إلى الله من جوع وعطش ". وقال (ص): " أفضل الناس من قل مطعمه وضحكه ورضي بما يستر عورته ". وقال (ص) " سيد الأعمال الجوع، وذل النفس لباس الصوف " وقال (ص): " اشربوا وكلوا في أنصاف البطون، فإنه جزء من النبوة ". وقال (ص): " قلة الطعام هي العبادة ". وقال (ص) " إن الله يباهي الملائكة بمن قل مطعمه في الدنيا، يقول: انظروا إلى عبدي ابتليته بالطعام والشراب في الدنيا فصبر وتركهما، اشهدوا يا ملائكتي:
ما من أكلة يدعها إلا أبدلته بها درجات في الجنة ". وقال (ص): " أقرب الناس من الله عز وجل يوم القيامة من المال جوعه وعطشه حزنه في الدنيا ".
وقال عيسى عليه السلام: " أجيعوا أكبادكم وأعروا أجسادكم، لعل قلوبكم ترى الله عز وجل ". وقالت بعض زوجاته (ص): " إن رسول الله لم يمتلئ قط شبعا، وربما بكيت رحمة مما أرى به من الجوع فأمسح بطنه بيدي، وأقول: نفسي لك الفداء! لو تبلغت من الدنيا بقدر ما يقويك ويمنعك من الجوع، فيقول: إخواني من أولي العزم من الرسل قد صبروا على ما هو أشد من هذا، فمضوا على حالهم فقدموا على ربهم فأكرم مآبهم وأجزل ثوابهم، فأجدني استحيي إن ترفهت في معيشتي أن يقصر بي غدا دونهم، فأصبر أياما يسيرة أحب إلي من أن ينقص بي حظي غدا في الآخرة، وما من شئ أحب إلي من اللحوق بأصحابي وإخواني ". وروي: " أنه جاءت فاطمة عليها السلام ومعها كسيرة من خبز، فدفعتها إلى النبي (ص) فقال:
ما هذه الكسيرة؟ قالت: قرص خبزته للحسن والحسين عليهما السلام جئتك