3 - أو كون ظهور المعاصي موجبا لذم الناس، والذم يؤلم القلب ويشغله عن طاعة الله، ويصده عن الاشتغال بتحصيل ما خلق لأجله، ولكون التألم بالذم جبليا غير ممكن الدفع بسهولة يكون أخفاء ما ظهوره يؤدي إلى حدوثه جائزا. نعم، كمال الصدق استواء المدح والذم، إلا أن ذلك قليل جدا، وأكثر الطباع تتألم بالذم، لما فيه من الشعور بالنقصان.
وربما كان التألم بالذم ممدوحا إذا كان الذام من أهل البصيرة في الدين، فإن ذمه يدل على وجود نقصان فيه، فينبغي أن يتألم منه ويتشمر لدفعه.
4 - أو كون الناس شهداءه يوم القيامة، كما ورد فيجوز الإخفاء لئلا يشهدوا عليه يوم القيامة.
5 - أو خوف أن يقصد بشر أو بسوء إذا عرف ذنبه.
6 - أو خوف صيرورة الذام عاصيا بذمه، وهذا من كمال الإيمان، ويعرف بتسوية ذمه وذم غيره.
7 - أو خوف سقوط وقع المعاصي من نفسه واقتداء الغير به فيها وهذه العلة هي المبيحة لإظهار الطاعة، ويختص ذلك بمن يقتدى به من الأئمة وأمثالهم ولهذه العلة ينبغي أن يخفي العاصي معصيته من أهله وولده أيضا، لئلا يقتدوا به فيها.
8 - أو حبة محبة الناس له للتوسل بها إلى الأغراض الدنيوية، بل ليستدل بها على محبة الله تعالى له، لأن من أحبه الله تعالى جعله محبوبا في قلوب الناس.
9 - أو مجرد الحياء من ظهور قبائحه وهو غير خوف الذم والقصد بالشر، إذ هو من فضائل الأخلاق ومن كريم الطبع قال رسول الله (ص):
" الحياء خير كله ". وقال الصادق (ع): " الحياء شعبة من الإيمان ".
وقال (ص): الحياء لا يأتي إلا بالخير ". وقال (ص): " إن الله تعالى يحب الحي الحليم ". ومن صدر عنه فسق ولم يبال بظهوره للناس، فقد جمع إلى الفسق الهتك وعدم الحياء - أعني الوقاحة - فهو أسوأ حالا ممن يفسق ويستحي فيستره.