عند الله وهو يبطل أصل العبادة ولأن الأعمال بالنيات، والمرائي بالعبادة لم يقصد امتثال أمر الله بل قصد أدراك مال أو جاه أو غرض آخر من الأغراض فلا يكون ممتثلا لأمر الله خارجا من عهدة التكليف، ثم مع بطلان عبادته وعدم خروجه عن عهدة التكليف يكون له أثم على حدة لأجل الرياء، كما دلت عليه الآيات والأخبار، فيكون أسوأ حالا ممن ترك العبادة رأسا، كيف لا والمرائي بالعبادة جمع بين الاستهزاء بالله والتلبيس والمكر لأنه خيل إلى الناس أنه مطيع لله من أهل الذين وليس كذلك.
وأما الرياء بغير العبادات، فقد يكون مذموما، وقد يكون مباحا، وقد يكون مستحبا، وقد يكون واجبا، إذ يجب على المؤمن صيانة عرضه وألا يفعل ما يعاب عليه، فلا يليق بذوي المروات أن يرتكبوا الأمور الخسيسة بأنفسهم عند مشاهدة الناس وإن جاز لهم ذلك في الخلوة، ومن زين نفسه باللباس أو غيره في أعين الناس حذرا من لومهم واستثقالهم أو استقذارهم إياه كان ذلك مباحا له، إذ الحذر من ألم الذم غير مذموم، إلا أن ذلك يختلف باختلاف الأزمنة والبلاد والأشخاص من العباد، فربما كان بعض أقسام الرياء بغير العبادات مذموما بالنظر إلى وقت أو شخص أو بلد غير مذموم بالنظر إلى آخر. روي: " أن رسول الله (ص) أراد يوما أن يخرج على أصحابه، فكان ينظر في حب من الماء ويسوي عمامته وشعره، فقيل له: أو تفعل ذلك يا رسول الله؟ فقال: نعم، إن الله تعالى يحب من العبد أن يتزين لإخوانه إذا خرج إليهم ". وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " يتزين أحدكم لأخيه المسلم كما يتزين للغريب الذي يحب أن يراه في أحسن الهيئة "، وقال الصادق (ع): " الثوب النقي يكبت العدو ". وروي: " أنه (ع) نظر إلى رجل من أهل المدينة قد اشترى لعياله شيئا وهو يحمله، فلما رآه الرجل استحى منه، فقال (ع):
اشتريته لعيالك وحملته إليهم، أما والله لولا أهل المدينة لأحببت أن أشتري لعيالي الشئ ثم احمله إليهم " (33) أراد (ع) لولا مخافة أن يعيبوه على