بعينه بياضا. فقالت: لا والله! فقال: ما من أحد إلا بعينه بياض ".
وأراد به البياض المحيط بالحدقة. وجاءته امرأة أخرى، وقالت: " احملني يا رسول الله على بعير. فقال: بل نحملك على ابن البعير. فقالت: ما أصنع به، إنه لا يحملني، فقال (ص): هل من بعير إلا وهو ابن بعير؟ ".
وكان (ص) يدلع لسانه للحسين (ع)، فيرى لسانه فيهش له. وقال لصهيب - وبه رمد وهو يأكل التمر -: " أتأكل التمر وأنت أرمد؟
فقال: إنما آكل بالشق الآخر. فتبسم رسول الله حتى بدت نواجذه ".
وروي: " أن خوات ابن جبير كان جالسا إلى نسوة من بني كعب بطريق مكة، وكان ذلك قبل إسلامه، فطلع عليه رسول الله (ص) فقال له:
مالك مع النسوة؟ قال: يفتلن ضفيرا لجمل لي شرود. فمضى رسول الله لحاجته ثم عاد، فقال: يا أبا عبد الله أما ترك ذلك الجمل الشراد بعد؟
قال: فسكت واستحييت، وكنت بعد ذلك استخفى منه حياء، حتى أسلمت وقدمت المدينة، فاطلع علي يوما وأنا أصلي في المسجد، فجلس إلي، فطولت الصلاة، فقال: لا تطول فإني أنتظرك، فلما فرغت قال: يا أبا عبد الله، أما ترك ذلك الجمل الشراد بعد؟ قلت: والذي بعثك بالحق نبيا!
ما شرد منذ أسلمت! فقال: الله أكبر الله أكبر، اللهم أهد أبا عبد الله.
فحسن إسلامه ". وكان نعيمان الأنصاري، رجلا مزاحا، فإذا دخل المدينة شئ نفيس من اللباس أو المطاعم اشترى منه، وجاء به إلى رسول الله (ص) ويقول: هذا أهديته لك. فإذا جاء صاحبه يطالبه بثمنه، جاء به إلى رسول الله (ص)، وقال: يا رسول الله، اعطه ثمن متاعه، فيقول له النبي (ص): " أو لم تهده لنا؟ " فيقول: لم يكن عندي والله ثمنه، وأحببت أن تأكل منه، فيتبسم رسول الله ويأمر لصاحبه بثمنه. وأمثال هذه المطايبات مروية عن رسول الله (ص) وعن الأئمة عليهم السلام وأكثرها منقولة مع النسوان والصبيان، وكان ذلك معالجة لضعف قلوبهم، من غير ميل إلى هزل ولا كذب ولا باطل، وكان صدور ذلك عنهم أحيانا وعلى الندرة، ومثلهم كانوا يقدرون على المزاح مع عدم خروجهم عن الحق والاعتدال، وأما غيرهم فإذا فتح باب المزاح فربما وقع في الإفراط والباطل. ج: 2