وأوراق الأشجار، وكان ضعف بدنه من كثرة رياضته، بحيث ترى الخضرة من صفات بطنه، كما أخبر به أمير المؤمنين (ع) في نهج البلاغة. ثم انظر إلى روح الله (ع) كيف يلبس الشعر ويأكل الشجر، ولم يكن له ولد يموت يخرب ولا يدخر لغد، أينما يدركه المساء نام، وقال له الحواريون يوما، " يا نبي الله لو أمرتنا أن نبني بيتا تعبد الله فيه "، قال " اذهبوا فابنوا بيتا على الماء " فقالوا: كيف يستقيم بنيان على الماء؟ قال " فكيف تستقيم عبادة على حب الدنيا "، وروي: " أنه اشتد به يوما المطر والرعد والبرق، فجعل يطلب بيتا يلجأ إليه، فرفعت إليه خيمة من بعيد فأتاها فإذا فيها امرأة فحاد عنها، فإذا هو بكهف في جبل فأتاه فإذا فيه أسد، فوضع يده عليه وقال: " إلهي جعلت لكل شئ مأوي ولم تجعل لي مأوى " فأوحى الله إليه " مأواك في مستقر من رحمتي، لأزوجنك يوم القيامة ألف حوراء خلقتها بيدي، ولأطعمنك في عرسك أربعة آلاف عام، يوم منها كعمر الدنيا ولآمرن مناديا ينادي أين الزهاد في الدنيا، زوروا عرس الزاهد عيسى بن مريم ".
ثم انظر إلى يحيى بن زكريا، حيث يلبس المسوح حتى ثقب جلده تركا للتنعم بلين اللباس واستراحة حسن اللمس فسألته أمه أن يلبس مكانها جبة من صوف ففعل، فأوحى الله إليه: " يا يحيى آثرت علي الدنيا "، فبكى ونزع الصوف وعاد إلى ما كان عليه.
ثم افتح بصيرتك وتأمل في سيرة رسول الله (ص) وزهده في الدنيا، فإنه لبث في النبوة ما لبث، ولم يشبع هو وأهل بيته غدوة إلا جاعوا عشية، ولم يشبعوا عشية إلا جاعوا غدوة، ولم يشبع من التمر هو وأهل بيته حتى فتح الله عليهم خيبر، وقرب إليه يوما طعاما على مائدة فيها ارتفاع فشق ذلك عليه حتى تغير لونه، فأمر بالمائدة فرفعت ووضع الطعام على الأرض، وكان ينام على عباءة مثنية فثنوها له ليلة أربع طاقات فنام عليها، فلما استيقظ قال منعتموني قيام الليلة هذه بهذه العباءة أثنوها باثنتين كما كنتم تثنونها، وكان يضع ثيابه لتغسل فيأتيه بلال فيؤذنه بالصلاة فما يجد ثوبا يخرج به إلى الصلاة حتى تجف ثيابه فيخرج بها إلى الصلاة.
وروي: " أن امرأة من بني ظفر صنعت له (ص) كساء بن إزارا ورداء ج: 2