الدنيا، إلا جعلت غناه في نفسه، وهمته في آخرته، وضمنت السماوات والأرض رزقه، وكنت له من وراء تجارة كل تاجر ". وقال (ع): " أعظم الناس قدرا من لا يناول الدنيا في يد من كانت. فمن كرمت عليه نفسه صغرت الدنيا في عينيه، ومن هانت عليه نفسه كبرت الدنيا في عينيه ". وقال الصادق (ع): " جعل الخير كله في بيت، وجعل مفتاحه الزهد في الدنيا ".
وقال (ع): " ما كان شئ أحب إلى رسول الله (ص) من أن يظل خائفا جائعا في الله تعالى ". وقال (ع): " إذا أراد الله بعبد خيرا، زهده في الدنيا، وفقهه في الدين، وبصره عيوبها. ومن أوتيهن فقد أوتي خير الدنيا والآخرة ". وقال (ع): " لم يطلب أحد الحق بباب أفضل من الزهد في الدنيا، وهو ضد لما طلب أعداء الحق، قلت: جعلت فداك، مما ذا؟
قال: " من الرغبة فيها "، وقال: " ألا من صبار كريم؟ فإنما هي أيام قلائل! ألا إنه حرام عليكم أن تجدوا طعم الإيمان حتى تزهدوا في الدنيا (38) وقال (ع): " الزهد مفتاح باب الآخرة والبراءة من النار، وهو تركك كل شئ يشغلك عن الله من غير تأسف على قوتها، ولا إعجاب في تركها، ولا انتظار فرج منها ولا طلب محمدة عليها، ولا عوض منها، بل يرى فوتها راحة وكونها آفة ويكون أبدا هاربا من الآفة معتصما بالراحة، والزاهد الذي يختار الآخرة على الدنيا والذل على العز والجهد على الراحة والجوع على الشبع وعافية الأجل على محبة العاجل والذكر على الغفلة، وتكون نفسه في الدنيا وقلبه في الآخرة "، وقال الرضا (ع): " من أصبح وأمسى معافى في بدنه، آمنا في سربه عنده قوت يومه فكأنما خيرت له الدنيا ".
وكفى للزهد فضيلة ومدحا أنه أعرف صفات الأنبياء والأولياء، ولم يبعث نبي إلا به، ولو لم يتوقف التقرب إلى الله والنجاة في دار الآخرة عليه، لما ضيق عظماء نوع الإنسان وأعرف الناس بحقيقة الحال على أنفسهم في فطامها عن شهوات الدنيا ولذاتها.
فانظر إلى كليم الله موسى (ع) كيف كان غالب قوته نبت الأرض