واجبا مشروطا وقد تسالموا على عدم وجوب مقدمة الواجب المشروط * (قلت) * هذا انما هو في المقدمات الوجوبية واما المقدمات الوجودية فلا فرق فيها بين الواجبات لان المناط في وجوبها انها هو وجوب ذيها وقد تقرر في الأصول انه لا فرق بين الواجبات المطلقة والمشروطة في أن صيغة الامر مستعملة في الطلب الالزامي وان الواجب المشروط مرجعه إلى ايجاب مطلق على موضوع تقدير فيجب مقدماتها على حسب وجوب ذيها لا ان الواجب المشروط بمنزلة الاخبار عن انه سيجب الفعل بعد حصول الشرط فليس حصول الشرط مؤثرا في حدوث الوجوب بل هو كاشف عن كون الوجوب محققا من حين صدور الامر الا انه لم يكن منجزا عليه لعدم علمه بان الشرط يتحقق والا فلو علم بذلك يجب عليه ايجاد مقدماته ولو قبل حصول الشرط فلو قال المولى لعبده أكرم زيدا في الغد على تقدير مجيئه إياك فإذا أحرز العبد بطريق معتبر انه يتحقق المجيئ لا محالة كما لو أرسل زيد خادمه إليه قبل مجيئه وأخبره بذلك علم بتنجز الخطاب في حقه فيجب عليه السعي في تحصيل مقدماته ولو قبل مجيئه فلو ترك بعض المقدمات التي لا يمكن تحصيلها الا قبل الوقت ليس له الاعتذار بعدم تحقق المجيئ بعد أن علم أنه سيتحقق لما عرفت من أن الايجاب على تقدير المجيئ حاصل من حين صدور الخطاب فليس له مخالفته بعد علمه بحصول التقدير ومن هذا الباب وجوب تعلم الاحكام التي يعلم اجمالا بأنه لو لم يتعلمها يقع في محذور مخالفة الشارع في شئ من التكاليف الشرعية ولو لم يتحقق بالفعل شرطه أولم يجب ايجاده الا بعد حين لان الأحكام الشرعية بأسرها تعلقت بموضوعاتها بعناوينها الكلية بلحاظ تحققها في ضمن مصاديقها الخارجية من حين حدوث الشريعة فإذا بلغ المكلف حد التكليف واندرج في زمرة من توجهت إليه الخطابات الشرعية يتنجز في حقه جميع التكاليف الشرعية مطلقاتها ومقيداتها منجزاتها وموقتاتها غاية الأمر ان الخروج عن عهدتها مرهونة بأوقاتها وموقوفة على حصول شرايطها فيجب عقلا ونقلا التهيؤ للخروج عن عهدتها ولكن بشرط العلم بتحقق شرط الوجوب أو انه سيتحقق فيما بعد * (واما) * عدم وجوب المقدمات الوجودية على الصبي الذي يعلم بأنه سيبلغ ويفوته بعضما افترضه الله عليه لو لم يأت بمقدماته قبل البلوغ فلنقص فيه وعدم صلاحيته في نظر الشارع كغير المميز لان يلزم بشئ لا لقصور في المقتضى فإذا أدرك الفعل نقصه قيد التكاليف المتوجهة إلى البالغين بالقدرة المقيدة بحصولها بعد البلوغ وهي أخص من مطلق القدرة التي يراها العقل شرطا في جواز التكليف بالفعل فلا يكون نقضا على المدعى كما أنه لا ينتقض ذلك ببعض المقدمات التي دل الدليل على جواز تفويتها كنقض الطهارة بالجنابة العمدية مع العلم بعدم التمكن من الاغتسال بعده فإنه يفهم من ذلك الدليل بالملازمة العقلية ان القدرة على الاغتسال بعد الجنابة التي هي أخص من مطلق القدرة على الطهارة شرط شرعي لوجوب الصلاة مع الطهارة فلم يوجبها الشارع على الاطلاق حتى يجب حفظ مقدماتها مع الامكان كما هو المفروض فيما نحن فيه ولعل ما ذكرناه من تنجز التكليف بالمقدمات الوجودية بعد احراز تحقق شرايط الوجوب منشأ توهم من توهم ان العلم بصيرورة الفعل واجبا فيما بعد سبب لوجوب المقدمة ولم يتفطن إلى أن العلم بحصول التقدير كاشف عن كون التكليف منجزا في حقه * (فان قلت) * سلما ذلك ولكنك اعترفت بأنه لا يتنجز التكليف ما لم يعلم بتحقق الشرط واندراج المكلف في زمرة المكلفين بهذا التكليف فما لم يحرز كونه قادرا على الفعل ينفى وجوبه بأصل البراءة ولا يحرز هذا الشرط غالبا الا بعد حضور زمان الفعل * (قلت) * أولا يتوجه عليه النقص بالواجبات المنجزة كالصوم مثلا بعد حضور وقته حيث إن المكلف لا يعلم في أول الصبح من يوم يجب الصوم فيه أنه قادر على امتثاله لاحتمال عروض موانع التكليف في أثنائه (وثانيا) قد أجيب عن هذا الاشكال بان الظن في هذه الموارد طريق الاحراز الشرط عند العقلاء كما يشهد به سيرتهم القطعية * (والتحقيق) * في الجواب ان يقال إن الرجوع إلى البراءة انما هو فيما إذا لم يكن الشرط المشكوك عقليا بل كان شرعيا بان يكون له عنوان كلى اجمالي فيكون ذلك العنوان الكلى بالمقايسة إلى ظاهر الدليل المثبت للتكليف مقيدا لاطلاقه أو مخصصا لعمومه كما لو قال حج ان استطعت فان هذا الكلام في قوة ان يقال يجب على المستطيع الحج ولا يجب على غيره فلو شك زيد في أنه مستطيع أم لا يتمسك لنفى التكليف بأصل البراءة لان كونه مصداقا لاحد العنوانين ليس بأولى من كونه مصداقا للاخر بالنظر إلى ظاهر الدليل واما إذا كان العقل حاكما بالاشتراط كما فيما نحن فيه فلا إذ ليس للمصاديق التي يحكم العقل بخروجها عنوان كلى يكون هذا العنوان من حيث هو قيدا للطلب لان العقل دليل لبى لا يحكم الا بخروج المعنون أعني ذوات الاشخاص عن تحت عموم الخطاب ولا يلتفت إلى المفهوم الكلى من حيث هو بمعنى ان العقل بحكم بان من عجز عن اتيان المأمور به فتركه واعتذر بالعجز فعذره مسموع وعقابه قبيح فلا يصح ان يكون موردا للتكليف فالخطاب مخصوص بغيره فليس حكمه بخروج هذا الفرد لأجل كونه مصداقا لمفهوم العاجز الذي تخصص به الخطاب بعنوانه الاجمالي كما في القيود الشرعية المأخوذة من الأدلة السمعية بل لكون كل عاجز واقعي بشخصه موضوعا لحكم العقل بقبح عقابه * (وببيان) * آخر ان العجز مناط لحكم العقل بخروج بعض الافراد لا ان مفهوم غير العاجز بعنوانه الكلى اعتبر قيدا للطلب حتى يكون مانعا عن ظهور اللفظ في شمول الحكم للفرد المشتبه * (وببيان) * ثالث ان خروج غير القادر عن موضوع أدلة التكاليف ليس لأجل صدق اسم غير القادر عليه كما هو الشأن في المخصصات الشرعية التي لها عنوان اجمالي كلى يدور الحكم بخروج شخص مدار صدق ذلك العنوان عليه كي يقال إن اندراج المشكوك في عنوان المخصص ليس بأولى من اندراجه في عنوان العام بل لأجل انه في حد ذاته لا يتمكن من الامتثال فعدم التمكن لدى العقل اعتبر علة للخروج لا عنوانا للخارج فلو فرض محالا كون شخص عاجزا عن أداء الواجب ولكن لا يصدق عليه اسم غير القادر لا يتنجز في حقه ولو فرض عكسا؟؟ وهذا بخلاف المخصصات الشرعية التي لها عناوين كلية كما لا يخفى * (إذا) * عرفت أن الموضوع الذي يحكم العقل بقبح عقابه وعدم كونه
(٥)