منى يشبه قول الناس ففيه التقية وما سمعته منى لا يشبه قول الناس فلا تقية فيه * (وبما) * ذكرنا اتضح لك فساد ما حكى عن بعض متأخري المتأخرين الذي لا يعتنى بفتاوى الأصحاب ولا يبالي مخالفة اجماعهم حيث مال أو قال باستحباب الغسل وعدم وجوبه عليهن لكثرة الاخبار النافية صراحتها وتأكد دلالتها بالتعليل في بعضها بأنه أيكم يرضى ان يرى [الخ] وبالتعليل بان الله [تع] وضعه عليكم فقال وان كنتم جنبا فاطهروا ولم يقل ذلك لهن إلى غير ذلك توضيح ما فيه أن هذه المؤكدات التي اعتمد عليها في ترجيح الدلالة أوهنتها على وجه يشكل الاعتماد عليها على تقدير سلامتها من المعارض ومخالفة الأصحاب فضلا عن اعراض الأصحاب عنها ومعارضتها بما هو أرجح منها بوجوه من الترجيحات المنصوصة وليست المعارضة بين الاخبار من قبيل النص والظاهر حتى يمكن الجمع بينها بتأويل الظاهر بالنص كما تخيله هذا البعض إذ لو بنى على الجمع بين قوله (ع) في عدة من الاخبار وجب عليها الغسل وفي بعضها فإنما عليها الغسل أو عليها غسل وبين قوله لم يجب عليها الغسل أوليس عليها الغسل مع كونهما من قبيل المتناقضين في الظاهر فعلى أي مورد ينزل الأخبار الكثيرة الامرة بالرجوع إلى المرجحات عند تعارض الخبرين فالمتعين في مثل المقام هو الرجوع إلى المرجحات هذا على تقدير حجية مثل هذه الأخبار الشاذة وعدم سقوطها عن مرتبة الحجية باعراض الأصحاب عنها والا فالكلام ساقط عن أصله ثم إنه لا ريب ولا اشكال كما هو ظاهر النصوص والفتاوى بل صريح بعضها في أن وجوب الغسل معلق على خروج المنى إلى خارج الجسد والظاهر عدم الفرق بين خروجه من الموضع المعتاد وغيره انسد الطبيعي أم لا لاطلاقات الأدلة بل قوة ظهورها في إناطة الحكم بخروج الماء الأعظم من حيث ذاته من دون اعتبار وصف فيه * (و) * قيل باعتبار الاعتياد بدعوى انصراف المطلقات إلى المتعارف المعتاد فالأصل براءة الذمة فيما عداه من وجوب + + + + + + + + + الغسل وليس بشئ لان الانصراف لو سلم فهو بدوي منشأه انس الذهن إذ ليس انصراف الموضع المعتاد من مثل قوله (ع) إذا امنت المرأة أو إذا جائتها الشهوة فأنزلت الماء أو انما الغسل من الماء الأكبر إلى غير ذلك من العبائر المطلقة الواردة في النصوص الا كانصراف ذهن المخاطب المأمور بشراء اللحم بدينار إلى الدينار الموجود في كيسه بالفعل لأنس ذهنه إليه ولا اعتداد بمثل هذه الانصرافات أصلا * (وقد) * عرفت في مبحث الحدث الأصغر ان الأقوى عدم اعتبار الاعتياد هناك مع كثرة الأخبار الواردة المقيدة للناقض بما يخرج من طرفيك الأسفلين الذين أنعم الله بهما عليك ففي المقام أولى بعدم اعتبار الاعتياد ولعله لذا أطلق المصنف [قده] كغيره القول بسببية الخارج في المقام مع تقييده بالاعتياد هناك واحتمال كون اطلاقهم منزلا على ما بينوه في الحدث الأصغر بعيد في الغاية فما صدر من بعض من نسبة هذا القول إلى المشهور استنباطا من مقالتهم في الحدث الأصغر ليس على ما ينبغي الجواز التفصيل بين المسألتين * (و) * ليت شعري هل القائل باعتبار الاعتياد في غير المخرج الطبيعي اعتبر العادة في خصوص المنى أو اكتفى باعتياد خروج ما من شانه ان يخرج من الفرج فكونه معتادا للبول يكفي في ذلك ولا يظن بهم إرادة المعنى الأول وان كان أوفق بظاهر كلامهم * (إذ) * من المستبعد جدا أن لا يقولوا بجنابة من خرج منيه في ابتداء بلوغه من المخرج الغير الطبيعي الذي صار معتاد البوله من حداثة سنه وكيف كان فيتفرع على الخلاف حكم الخنثى المشكل فيجب عليه الغسل بخروج المنى مطلقا على الأول ولا يجب على الثاني الا إذا خرج من كلا المخرجين المعلوم كون أحدهما طبيعيا أو من أحدهما بشرط الاعتياد هذا كله فيما إذا علم بان الخارج منى فان اشتبه ذلك فلا شئ عليه كما لو اشتبه نفس الخروج لان اليقين لا ينقضه الشك لكن لا يعد من موارد الاشتباه ما إذا حصل ما يشتبه كونه منيا وكان واجدا للأوصاف الملازمة له عادة بان كان رافقا يقارنه الشهوة وفتور الجسد فإنه إذا اجتمع فيه هذه الأوصاف فقد وجب الغسل والامتناع من دخول المساجد وقراءة العزائم وغيرها من الاحكام التي سيأتي تفصيلها لقضاء الوجدان بشهادة العرف والعادة مضافا إلى تصريح جل الاعلام لولا كلهم بان ما اجتمع فيه الأوصاف هو الماء الأعظم الذي رتب الشارع عليه احكامه ويفصح عن ذلك مضافا إلى ما عرفت صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال سئلته عن الرجل يلعب مع المرأة ويقبلها فيخرج منه المنى فما عليه قال إذا جاءت الشهوة ودفع وفتر لخروجه فعليه الغسل وان كان انما هو شئ لم يجد له فترة ولا شهوة فلا بأس وما استشكله بعض في مفاد الرواية لأجل موافقته لمذهب العامة من حيث اعتبار مقارنة الشهوة في وجوب الغسل * (مدفوع) * بان الشرطية جارية مجرى العادة ومسوقة لبيان تحقق الموضوع كما نبه عليه في التهذيب حيث قال إن قوله (ع) وان كان انما هو شئ لم يجد له فترة ولا شهوة فلا بأس معناه إن لم يكن الخارج الماء الأكبر لان المستبعد من العادة والطبايع ان يخرج المنى من الانسان ولا يجدله شهوة ولا لذة انتهى وفرض السائل كون الخارج منيا لا ينافي إرادة تشخيص ماهيته بذكر أوصافه المختصة به في طي الجواب بحيث ينجسم به مادة الاشكال في موارد الاشتباه هذا مع أنه حكى في الوسائل عن كتاب علي بن جعفر أنه قال في سؤاله فيخرج منه الشئ فعلى هذا يكون الامر أهون وعلى تقدير تسليم ظهوره في إرادة التقييد فلا بد من صرفه عن هذا الظاهر بقرينة الأدلة المتقدمة * (وكيف) * كان فقد نسب إلى العلماء في المقام أقوال متكثرة فعن بعضهم اعتبار اجتماع الأوصاف الثلاثة السابقة وكفايتها في الحكم بالجنابة كظاهر المتن وغيره وصريح بعض متأخري المتأخرين * (وعن) * ظاهر
(٢٢٠)