وقعت قبله أم بعده كما أن تردده بين الفرد الزائل والباقي أيضا مسبب عن ذلك فالشكان كلاهما مسببان عن الجهل بتاريخ الحدث المتيقن فليس ما نحن فيه مثل المثال الذي أوردناه نقضا في كون الشك فيه مسببا عن الشك في حدوث جنابة جديدة وليس المقصود في المقام استصحاب جنس الحدث بملاحظة القطع بوجوده في ضمن الفرد الذي كان قبل الوضوء حتى يقال إنه من قبيل استصحاب الكلى كيف و اجراء الاستصحاب بهذه الملاحظة غير معقول للقطع بارتفاع الطبيعة بعد الوضوء فكيف يمكن ابقائها إلى زمان الشك بل المستصحب انما هو خصوص الفرد الذي علم تحققه حين حدوث السبب الثاني المردد بين كونه قبل الوضوء أو بعده وكيف كان فنقول في توضيح المقام ببيان أو في أن وجود الحدث عند حصول السبب الثاني معلوم فلا يجرى بالنسبة إليه أصل العدم فإذا فرضنا وقوع الحدث المتيقن أول الظهر يجب علينا تحصيل الجزم بحصول الطهارة بعد الظهر وأصالة عدم وجود حالة أخرى غير مجدية في اثبات وقوع الوضوء عقيب الظهر حتى نرفع اليد بسببها عن التكليف الذي علمنا ثبوته في أول الظهر كما هو ظاهر فالفرق بين ما نحن فيه وبين مسألة من رأى بثوبه جنابة ولم يدر انها جنابة جديدة بعد اشتراكهما في أن مرجع الشك فيهما إلى الشك في وحدة التكليف وتعدده هو ان مرجع الشك في تلك المسألة إلى الشك في ثبوت التكليف وراء ما علم سقوطه وفيما نحن فيه في سقوط تكليف علم ثبوته فاحتمال تعدد التكليف فيما نحن فيه أورث الشك في امتثال ما علم وجوبه واحتمال وحدته في الأول أوجب الشك في أصل التكليف مثلا إذا فرضنا انه أصبح جنبا ثم عرضه جنابة أخرى في أثناء اليوم وشك في كونها قبل الاغتسال أم بعده نقول ثبوت التكليف بالاغتسال عند عروض الجنابة الثانية معلوم وسقوطه غير معلوم لاحتمال وقوع الغسل قبله واما لو لم يعلم بعرض جنابة أخرى بل رأى منيا في ثوبه واحتمل كونه من الجنابة الأولى فنقول سقوط الجنابة التي علم ثبوتها أول الصبح معلوم وثبوت جنابة أخرى غيرها غير معلوم * (لا يقال) * ان وجوب الاغتسال عند خروج هذا المنى المشاهد معلوم وسقوط هذا الواجب بالغسل الصادر منه غير معلوم فهذا الفرض أيضا كسابقه في كونه شكا في سقوط ما وجب لأنا * (نقول) * مغائرة زمان هذا المنى للزمان الأول غير معلومة وسقوط التكليف الثابت فيه معلوم وثبوت تكليف اخر في غير ذلك الزمان غير معلوم فالأصل ينفيه * (ان قلت) * ما ذكرت انما يتم فيما إذا كان زمان طرو الحالتين اللتين علمهما بالاجمال مغايرا للزمان الذي علم تكليفه فيه مفصلا كما لو أصبح جنبا فعلم اجمالا بحصول غسل وجنابة في أثناء اليوم وشك في المتأخر منهما واما لو رأى بثوبه منيا وعلم بأنه من جنابة مستقلة غير ما اغتسل منها ولكنه احتمل حدوثها في الليل الذي كان يعلم جنابته فيه بالتفصيل فلا لأنه بمنزلة ما لو احتمل كونه من الجنابة السابقة حيث لا يؤثر علمه الاجمالي في احراز تكليف وراء ما علم سقوطه * (قلت) * ليس المدار في الاستصحاب على احراز تكليف وراء ما علم سقوطه حتى ينافي كون أحد طرفي المعلوم بالاجمال معلوما بالتفصيل وانما المناط في الاستصحاب صيرورة ما علم ثبوته مشكوك الارتفاع فحيث علم ثبوت الجنابة حال حدوث السبب الثاني لا يجوز رفع اليد عن هذا اليقين الا بالعلم بوقوع الغسل عقيبه واما لو لم يحرز تعدد السبب واحتمل كون المنى المشاهد من الجنابة السابقة فلا يتحقق ركن الاستصحاب أعني اليقين السابق حيث لم يعلم لخروج هذا المنى واقعا مغائر للخروج الذي علم بزوال اثره فلم يثبت لديه جنابة غير ما علم زوالها حتى يستصحبها فأصالة عدم حدوث جنابة أخرى في هذا الفرض حاكمة على استصحاب التكليف وقاعدة الاشتغال لأن الشك في بقاء التكليف مسبب عن احتماله واما على تقدير العلم بتعدد السبب فجنابته عند السبب الثاني معلومة وارتفاعها غير معلوم فليستصحب وليس في هذا الفرض أصل حاكم على استصحاب الحدث لما عرفت فيما سبق من أن الشك في بقاء التكليف في هذه الصورة مسبب عن الجهل بتاريخ الغسل ولا يمكن تعيينه بالأصل وقد تقدم شطر من الكلام فيما يتعلق بالمقام في فروع الشبهة المحصورة في مبحث ما لو اشتبه الاناء الطاهر بالنجس فراجع ولقد أطلنا الكلام في النقض والابرام لكون المقام من مزال الاقدام والله مقيل العثرات وقد حكى عن العلامة في بعض كتبه قولا ثالثا في المسألة وهو الاخذ بالحالة السابقة على الحالتين وهو بظاهره كما تراه ولكن الظاهر على ما صرح به بعض مشايخنا [قده] بعد التأمل والجمع بين شتات كلماته في المختلف وغيره عدم مخالفته للمشهور وان تصريحه بهذا القول انما هو بعد اختياره مذهب المشهور في مفروض مسئلتنا و ان غرضه التنبيه على حكم فرع آخر وهو انه لو علم اجمالا بوقوع كل من طبيعة الطهارة والحدث بوصف كونها مؤثرة في رفع ما كان قبلها ولم يعلم بانحصار كل من تينك الطبيعتين في فرد أو أزيد فشك في حالته فعلا في أنه متطهر أو محدث فعليه ان يأخذ بمثل حالته السابقة على زمان الشك لان علمه الاجمالي ينحل إلى علم تفصيلي وشك بدوي حيث إنه في السابق لو كان محدثا يعلم تفصيلا بارتفاع هذا الحدث بطهارة وكذلك يعلم تفصيلا بانتقاض الطهارة الرافعة للحدث الأول لأن المفروض علمه بتأثير الحدث المعلوم بالاجمال فلا يكون الا بعد الطهارة الأصلي وارتفاع هذا الحدث الجديد غير معلوم لعدم علمه بحصول طبيعة الطهارة في ضمن أكثر من فرد فليستصحب الحدث لرجوع المسألة بعد التحليل إلى مسألة من تيقن الحدث وشك في الطهارة قال في محكى المختلف إذا تيقن عند الزوال
(٢٠٥)