فليس عليها شئ فإذا طهرت اغتسلت غسلا واحدا للحيض والجنابة وصحيحة زرارة فيمن مات وهو جنب يغسل غسلا واحدا يجزى ذلك للجنابة ولغسل الميت لأنهما حرمتان اجتمعتا في حرمة واحدة وهذه الروايات بأسرها صريحة في كفاية الغسل الواحد عن المتعدد كما انها ظاهرة في اختلاف مهيات الأغسال وان الاكتفاء بواحد انما هو بجعل المكلف في مقام الامتثال وأوضح من الكل في الدلالة على تعدد المهيات الروايتان الأخيرتان فان فيهما جهات من الدلالة كمالا تخفى على المتأمل ومما يدل أيضا على تعدد المهيات رواية سماعة بن مهران عن أبي عبد الله (ع) وأبى الحسن (ع) قالا في الرجل يجامع المرأة فتحيض قبل أن تغتسل من الجنابة قال (ع) غسل الجنابة عليها واجب وقد أشكل توجيه هذه الرواية على القائلين بكفاية غسل واحد عن الجميع [مط] وربما وجهها بعضهم بعدم المنافاة بين وجوبه عليها وسقوطه بغسل الحيض * (وفيه) * ان ظاهرها وجوبه عليها بعنوان غسل الجنابة لا غير فهي تدل على مغائرته لغسل الحيض والا لما كان لوجوبه عليها بهذا العنوان وجه فليتأمل ولا ينافي ما قريناه من تغاير المهيات رواية ابن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن المرأة تحيض وهي جنب هل عليها غسل الجنابة قال غسل الجنابة والحيض واحد لان المراد منها بيان ان الجنابة لا توجب غسلا مستقلا منفردا عن غسل الحيض بل أحدهما عين الاخر في الوجود الخارجي فهما شئ واحد في الخارج بحمل أحدهما على الاخر بالحمل الشايع المتعارف لا بالحمل الذاتي حتى ينافي ما قدمناه ولو سلم ظهورها في اتحادهما ذاتا لتعين صرفها إلى هذا المعنى جمعا بينها وبين الأدلة المتقدمة الدالة على مغائرتهما ذاتا كما لا يخفى * (إذا) * تقرر لك ان الأوفق بالقواعد بحيث لا يستلزم مخالفة شئ من اخبار التداخل ولا اطلاقات الأوامر بالأغسال هو الالتزام بتغاير الطبايع المتعلقة للأوامر وتصادفها على الفرد المجزى * (فنقول) * لا ريب انه لو اتى بهذا الفرد بقصد امتثال جميع الأوامر يتحقق بفعله امتثال الجميع ويسقط أوامرها كما عرفت تحقيقه فيما سبق وكذا لو قصد رفع جنس الحدث أو استباحة الصلاة لو كان اثار الأسباب المجتمعة من موانع الصلاة لانحلال هذا القصد إلى قصد الجميع * (واما) * لو اتى به بقصد امتثال البعض فلا تأمل في صحة غسله بالنسبة إلى هذا البعض لكونه مأمورا به والامر يقتضى الاجزاء وهل يجزى عما عدا المنوي أم لا فيه تفصيل وتحقيقه انا * (لو) * بنينا على أن متعلق الأوامر هي نفس الأغسال بعناوينها الخاصة كغسل الجنابة والحيض والجمعة وغيرها فلا يعقل الاجزاء الا بالقصد لا لدعوى أن أوامر الغسل تعبدية لا تسقط الا بالإطاعة والإطاعة لا تتحقق الا بالقصد حتى يتوجه عليها منع كونها تعبدية على الاطلاق بل القدر المتيقن توقف صحة الغسل على قصد القربة في الجملة واما قصد امتثال امره بالخصوص فلا والمرجع في مثله البراءة كما تقدم تحقيقه في مقام تأسيس الأصل في نية الوضوء بل لأجل ان هذه العناوين بنفسها ممالا يتصف الفعل بها الا بالقصد نظير عنوان الوكالة والتأديب ممالا يتحقق الا بالقصد وان قلنا إن الامر بالأغسال انما هو لأجل كونها مؤثرة في التطهير وان المطلوب الواقعي إزالة اثر الجنابة واثر الحيض والاستحاضة والنفاس كما ليس بالبعيد فعنوان الواجب على هذا التقدير في غسل الجنابة إزالة اثر الجنابة وفي الحيض إزالة اثره وهكذا فان علمنا ببيان الشارع ان الغسل الصحيح [مط] أو خصوص غسل الجنابة مثلا مزيل لهذه الآثار ولو لم يشعر بها المكلف فلا اشكال في سقوط الأوامر لحصول ما هو المقصود منها وإن لم يتحقق إطاعتها فيما عدا المنوي لان المدار في سقوط الأوامر حصول الغرض لا تحقق الإطاعة واما لو لم يعلم ذلك ببيان الشارع فلا سبيل لنا إلى احرازها والعلم بسقوط أوامرها الا بالاحتياط بتكرار الغسل أو ايجاد غسل واحد بقصد الجميع إذ ليس اثر هذه الأسباب امرا حسيا حتى يدرك زواله بالحس ولا مما يناله عقولنا حتى يستكشف بالعقل فالطريق منحصر ببيان الشارع والمفروض انتفائه فيجب الاحتياط تحصيلا للفراغ اليقيني عن التكليف المتعلق بمفهوم مبين وليس المورد مما يجرى فيه البراءة على هذا التقدير كمالا يخفى نعم لا يخلو القول بكفاية خصوص غسل الجنابة عن غيره مطلقا عن قوة بل في طهارة شيخنا المرتضى [ره] والمشهور الاجتزاء به عما عداه بل صريح السرائر وجامع المقاصد الاجماع عليه وفي شرح الجعفرية عدم الخلاف فيه وكذا في شرح الموجز رادا بذلك على من حكى قولا بعدم الاجتزاء به عن غسل الاستحاضة ولعل في هذه الاجماعات كفاية انتهى ويدل عليه مرسلة الجميل المتقدمة إذا اغتسل الجنب بعد طلوع الفجر أجزاه غسله ذلك عن كل غسل يلزمه في ذلك اليوم واما الاستدلال عليه باطلاق صحيحة زرارة المتقدمة فقد عرفت ضعفه وكذا الاستدلال بما عداها من الأخبار المتقدمة لظهورها في كفاية الغسل المأتي به بقصد الجميع فلا تعم الفرض * (واما) * الاستدلال جامع المقاصد عليه مضافا إلى الاجماع والاخبار بان الحدث الذي هو عبارة عن النجاسة الحكمية متحد وان تعدد أسبابه فإذا نوى ارتفاعه بالسبب الأقوى ارتفع بالإضافة إلى غيره ففيه ما عرفت من منع الاتحاد ولا أقل من الشك الموجب للاحتياط في مقام الامتثال فالعمدة فيه ما ذكرناه والأحوط بل الأولى ترك تخصيص قصده بخصوص
(١٣١)