وان الله تعالى لا يقبله الا إذا كان خالصا له إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة الصريحة في كون عمل المرائي مردودا غير مقبول عند الله والمتبادر من رد العمل وعدم قبوله على ما يفهمه العرف بطلان العبادة لو لم نقل باستلزامه ذلك عقلا كمالا يخفى وجهه فما عن السيد [ره] من أن عمل المرائي صحيح مسقط للامر ولكنه غير مقبول عند الله لان الصحة أعم من القبول كما يدل عليه قوله [تعالى] انما يتقبل الله من المتقين وغيره من الآيات ضعيف في الغاية إذ بعد تسليم امكان عدم القبول مع كون المأتي به موافقا للمأمور به وجواز سقوط الامر العبادي مع كون العمل مردودا حال كون المكلف متمكنا من ايجاد الفعل ثانيا يتوجه عليه أولا ما عرفت من ظهور عدم القبول عرفا في بطلانه واما القبول في الآية فلعل المراد منه والله العالم هو القبول الكامل الحسن الموجب لمزيد الاجر وارتفاع الدرجة لا القبول الذي يقابله الرد كما هو ظاهر اخبار الباب بل صريحها حتى ينافي عدمه لقاعدة الاجزاء التي يستقل بها العقل أو ان المراد من القبول معناه الحقيقي ووجه عدم قبول اعمال غير المتقين عدم استيفاء عملهم غالبا شرائط التكليف فيكون اعمالهم غالبا من قبيل صدقة السارق وصلاة الغاصب وقد ورد في الخبر ان المراد من المتقين هم الشيعة فتخرج الآية على هذا التقدير من معرض الاستشهاد وكيف كان فلا يجوز رفع اليد عن المحكمات بالمتشابهات هذا مضافا إلى ما عرفت من دلالة الأخبار السابقة على البطلان بشهادة العرف وحكومة العقل والقول بجواز اجتماع الامر والنهى لا يجدى في المقام فان المسألة من قبيل النهى في العبادة كما أشرنا إليه اجمالا وستعرف تفصيله [انش] ولم يقل أحد بالجواز فيها ودعوى أن المحرم هو قصد المرائي لا فعله فليس المأمور به متعلقا للنهي يكذبها الأخبار السابقة الظاهرة في كون العمل محرما مكتوبا في سجين مضافا إلى شهادة العرف واللغة بان الرياء هو العمل الذي يقصد به المدح لا القصد المجرد هذا مع أن قصد المرائي ينافي الاخلاص كما عرفت في المباح فكيف يصح القول بصحة عمل المرائي على اطلاقه نعم لو تعلق قصده بالرياء في خصوصيات العمل لا يخلو قوله عن وجه على هذا التقدير * (فتأمل) * ثم إن المحصل من مجموع الاخبار ان العمل الذي يوجد في الخارج بعنوان الإطاعة لله تعالى لو كان الباعث على حصوله بهذا العنوان إرادة إرائة الغير باطل ومحرم سواء كانت الإراءة سببا مستقلا في البعث أو كان لها مدخلية في ذلك وبعبارة أخرى ان غاية ما يستفاد من الاخبار ان قصد إرائة الغير واظهار الكمال لديهم في العبادة بالعبادة مفسد للعبادة وموجب لحرمتها * (واما) * حرمة ما عدى ما ذكر فلا تكاد تظهر من شئ من اخبار الباب و [ح] فان قلنا بان المتبادر من الرياء في اطلاقات الشارع وعرف المتشرعة هو هذا المعنى الذي ادعينا استفادته من الاخبار كما يؤيده ظاهر ما عن بعض علماء الاخلاق في تفسير الرياء من أنه طلب المنزلة عند غيره [تعالى] بالعبادة فلا اشكال والا فلو قلنا بان الرياء يطلق لغة وعرفا على مطلق الفعل الذي يراد به إرائة الغير فتقييد موضوع الحكم بالقيود المذكورة أعني تخصيص الحرمة بالرياء في العبادة من حيث كونها عبادة حال كونه مؤثرا في حصول أصل الفعل أو كيفياته وخصوصياته بان كان سببا أو جزء من السبب لا مطلق الرياء ولا الرياء في العبادة من غير جهة كونها عبادة كما لو قصد بقيامه في صلاته النظر إلى متاع صديقه ليوصف بذلك بحسن الصداقة وشدة الاهتمام في حفظ أموال الصديق ولا الرياء التبعي الذي لا تأثير له في العمل أصلا لقصور اخبار الحرمة عن شمول غير المذكور وعدم دليل فيما عداه على الحرمة لو لم يكن على عدمها إذ لا عموم في المقام بحيث يمكن استفادة حكم الرياء في غير العبادة منه وقوله (ع) في الرواية المتقدمة يا زرارة كل رياء شرك لا يدل على العموم لوجوب تقييده بالعبادات بقرينة حمل الشرك عليه لان حمل الشرك على مطلق الرياء بحيث يعم غير العبادات لا يستقيم الا بإرادة التشبيه في المبغوضية أو بارتكاب التأويل بدعوى أن المرائي حيث اتخذ إلهه هواه فقد جعل مع الله إلها اخر فهو مشرك بهذا الاعتبار ولكنك خبير بما في هذا التوجيه من مخالفة الظاهر لان ظاهر حمل الشرك على الرياء كون العمل المأتي به رياء بنفسه شركا أي مأتيا به لله [تعالى] ولغيره فيجب ان يكون مورده العبادة لأنها هي التي يكون الرياء فيها شركا سواء كان الرياء جزء سبب الفعل أو تمامه اما على الأول فواضح واما على الثاني فلوقوع ظاهر العمل لله [تعالى] وباطنه للغير هذا مع أن سوق الرواية يشهد بذلك فان المقصود بقوله (ع) من عمل للناس كان ثوابه على الناس هو ان يأتي بعبادة الله للناس والا فهو من قبيل إظهار البديهي فقوله بعد ذلك يا زرارة كل رياء شرك مسوق لبيان مفسدة أخرى لعمله أعظم من حبط اجره والتنبيه على أن مطلقه مندرج في موضوع القضية المذكورة أولا بشهادة قول عز وجل من عمل لي ولغيري فهو لمن عمل له ثم لم سلمنا عموم الرياء وفسرنا الشرك بما يناسب العموم نقول لا دليل على حرمة الشرك بهذا المعنى غاية الأمر دلالة الرواية على اعتبار الاخلاص في صحة العبادة وبطلانها بسبب الرياء وعدم كون عمل المرائي مقبولا عند الله تعالى واما حرمة الفعل بحيث يعاقب عليه فلا تستفاد من
(١١٨)