نظرا إلى ضعف الاسناد واشعار بعضها بالكراهة ضعيف ويستوى في ذلك الصحارى والأبنية على المشهور كما في الجواهر دعواه نقلا وتحصيلا ويدل على المساواة وعدم اختصاص الحكم بالصحارى مضافا إلى اطلاقات الأدلة خصوص النبوي المتقدم إذا دخلت المخرج [الخ] بل وكذا النبوي الاخر إذا دخلت الغائط [الخ] فان ظاهرهما إرادة الدخول في المكان الذي بنى للتخلي فالتفصيل بين الصحارى والأبنية بحرمه الأولى وكراهة الثانية كما عن ظاهر سلار أو إباحة الثانية كما عن المفيد ضعيف وعن ابن الجنيد استحباب ترك الاستقبال في الصحراء ولم يذكر الاستدبار ولا الحكم في البنيان واستدل لهم بصحيحة ابن بزيع قال دخلت على أبي الحسن (ع) وفي منزله كنيف مستقبل القبلة وسمعته يقول من بال حذاء القبلة ثم ذكر فانحرف عنها اجلالا للقبلة وتعظيما لها لم يقم من معقده ذلك حتى يغفر له * (وفيه) * ان كون الكنيف مستقبل القبلة لا يدل الا على نفى حرمة مثل هذا البناء وعدم وجوب تغييره وهذا مسلم كما يشعر به قول المصنف [ره] ويجب الانحراف في موضع قد بنى على ذلك فإنه يستشعر منه عدم وجوب تغيير البناء نعم لو علم أن بناء الكنيف بهذا الوضع كان باذن الإمام (ع) لأمكن ان يقال بمنافاته للحرمة إذ من المستبعد جدا ان يأمرهم ببناء الكنيف على نحو يجب الجلوس عليه منحرفا الا ان هذا ينافي مطلق مرجوحيتها مع أنها ممالا ينبغي الريب فيها فيستكشف بذلك انه لم يكن بأمره (ع) فظهر لك ضعف الاستشهاد بهذه الصحيحة للتفصيل بين الأبنية وغيرها نعم فيما سمعه الراوي من الإمام (ع) اشعار يكون الترك مستحبا مطلقا لا واجبا لان المناسب في بيان لطف الواجب ذكر العقاب المتوعد على تركه مقتصرا عليه أو مع ذكر الثواب الموعود على فعله كما في الصلاة دون الاقتصار على ذكر الثواب المقرر عند بيان المستحبات لكنك خبير بأنه لا يرفع اليد عن ظواهر الاخبار بهذا الاشعار كما صرح به شيخ مشايخنا المرتضى [ره] * (تنبيهات) * الأول المراد بالاستقبال والاستدبار ما هو المتعارف في جميع أبواب الفقه وهو الاستقبال بالبدن والاستدبار به وعن بعض ان المدار على استقبال نفس العورة حق لو جلس مستقبل القبلة وحرفها زال المنع نظرا إلى ما في بعض الأخبار من النهى عن استقبال القبلة ببول أو غائط وظاهرها كون المحظور مقابلة القبلة بنفس البول لا غير فلو توجه إلى المشرق مثلا وبال إلى طرف القبلة حرم دون ما إذا استقبل القبلة بمقاديم بدنه وحرف بوله إلى سائر الجهات وفيه أن هذه الروايات وان كان ظاهرها ذلك في بادي الرأي الا انها لأجل جريها مجرى الغالب لا تصلح صارفة للأخبار الناهية عن الاستقبال الظاهرة في إرادة الاستقبال بمقاديم البدن عن ظاهرها خصوصا بملاحظة ما يستفاد من بعضها من أن المناط احترام القبلة وتعظيمها بترك مواجهتها بالعورة حال التخلي كما يكشف عن ذلك حرمة الاستدبار حال البول هذا مع أن النسبة بين هذه الروايات وبين تلك الأخبار العموم من وجه ولا تنافى بينهما فلو اغمض النظر عن جريها مجرى الغالب اتجه العمل بظاهر الجميع إذ لا مقتضى للتقييد والتصرف في أحد الظاهرين بارجاعه إلى الاخر كما لا يخفى ولا فرق في حرمة الاستقبال والاستدبار بين كونه قائما أو جالسا أو نائما مضطجعا أو مستلقيا بشهادة العرف بان استقبال القبلة عبارة عن كون المستقبل مواجها لها ويقابله الاستدبار واما القيام والقعود فليس بداخل في حقيقتهما * (الثاني) * مقتضى الأصل اختصاص الحكم بحالة البول والتغوط وقد يدعى شموله لحالة الاستنجاء لرواية عمار الساباطي عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له الرجل يريد أن يستنجى كيف يقعد قال كما يقعد للغائط وفي دلالتها على المدعى تأمل لان الاستقبال والاستدبار ليسا من الكيفيات الظاهرة للجلوس التي تنسبق إلى الذهن من السؤال حتى ينزل الرواية عليهما بل المتبادر منها ليس إلا إرادة الكيفيات المعتبرة في نفس الجلوس من حيث هو كالاتكاء على اليسرى وغيره من الآداب وإن لم نعلمها بالتفصيل * (والحاصل) * ان ظاهر الرواية هو السؤال عن كيفية الجلوس من حيث هو لا بالنسبة إلى الأمور الخارجة عن حقيقته ولذا أنكر بعض الفحول دلالتها بعد الاغماض عن سندها وقال فيما حكى عنه ان المراد من ذلك الرد على العامة حيث يقعدون للاستنجاء نحوا اجر من زيادة التفريح وادخال الا نملة انتهى * (أقول) * ولعله يشهد على إرادة ما ذكره هذا البعض ما في ذيل الرواية وانما عليه ان يغسل ما ظهر منه وليس عليه ان يغسل باطنه ويؤيده أيضا صحيحة إبراهيم بن أبي محمود عن الرضا (ع) قال في الاستنجاء يغسل ما ظهر منه على الشرج ولا يدخل فيه الا نملة وجه التأييد اشعارها بكون ادخال الا نملة وغسل الباطن الذي لا ينفك غالبا عن تغيير كيفية الجلوس كان معهودا لديهم والله العالم * (الثالث) * لو اشتبهت القبلة وترددت بين جهات معينة وجب الميل عنها إلى الجهات الخارجة عن أطراف الشبهة لما عرفت تحقيقه في النجس المردد بين الإنائين من وجوب الاجتناب عن محتملات الشبهة المحصورة ودعوى انصراف الأدلة الناهية عن استقبال القبلة واستدبارها إلى صورة العلم بالقبلة غير مسموعة ولو ترددت بين الجهات [مط] بحيث كل جهة تفرض احتمل كونها قبلة فالظاهر كونها من الشبهة الغير المحصورة التي قام النص والاجماع على عدم وجوب الاحتياط فيها كما تقدمت الإشارة إليه في مبحث الإنائين وقد أشرنا في ذلك المبحث إلى ما يظهر منه كون مثل الفرض من الشبهة الغير المحصورة فراجع وعلى هذا فلا يجب الفحص عن القبلة عند إرادة التخلي كغيره من الشبهات
(٨٣)